ومن خصائص التكريم للنبي ﷺ يوم القيامة أنه صاحب المقام المحمود.
قال الله تعالى:
{وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِۦ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}
(1).
قال ابن حجر: “المقام المحمود هو الشفاعة العظمى، التي اختص بها، وهي إراحة أهل الموقف من أهوال القضاء بينهم والفراغ من حسابهم” (2).
أخرج البخاري عن ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ:
(إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ يَا فُلَانُ اشْفَعْ يَا فُلَانُ اشْفَعْ حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ)
(3).
وروى النسائي بإسناد صحيح من حديث حذيفة قال: يجتمع الناس في صعيد واحد، فأول مدعو محمد، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك والمهدي من هديت عبدك وابن عبديك، وبك وإليك، ولا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، فهذا قوله:
{عَسَىٰٓ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}
وصححه الحاكم (4).
وأخرج الإمام أحمد عن أبي بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كُنْتُ إِمَامَ النَّبِيِّينَ وَخَطِيبَهُمْ وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ غَيْرَ فَخْرٍ)
(5).
______________________
1. سورة الإسراء، الآية (79).
2. فتح الباري 3/ 339.
3. أخرجه البخاري برقم (4718).
4. فتح الباري 8/ 399 – 400.
5. عن تفسير ابن كثير عند الآية المذكورة.
والحقيقة: إن كل موقف له ﷺ يوم القيامة هو مقام محمود يحمده الناس عليه. ولعل أعظم هذه المواقف هو الشفاعة العظمى.
وقد أخرج البخاري عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي أَنْتَ وَعَدْتَهُ إِلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
(1).
______________________
1. أخرجه البخاري برقم (614).