قالوا: كان يحرم عليه ﷺ أن يمن ليستكثر، ومعناه أن يعطي شيئاً ليأخذ أكثر منه، قال تعالى:
{وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} .
(2)
قال المفسرون: ذلك خاص به عليه الصلاة والسلام كما نقله الرافعي (3).
والحقيقة: أن المفسرين لم يتفقوا على ذلك.
قال الزمخشري في الكشاف – كما نقله ابن طولون -: في النهي في قوله تعالى:
{وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ}
وجهان: أحدهما: أن يكون نهياً خاصاً برسول الله ﷺ فيحرم عليه المن، والثاني: أن يكون نهي تنزيه لا تحريم، له ولأمته.
______________________
2. سورة المدثر، الآية (9).
3. بداية السول ص 145.
وقال ابن كثير في تفسيره عند الآية الكريمة:
قال الحسن البصري: لا تمنن بعملك على ربك تستكثره، وكذا قال الربيع بن أنس واختاره ابن جرير.
وقال مجاهد: لا تضعف أن تستكثر من الخير، قال: تمنن في كلام العرب: تضعف.
وقال ابن زيد: لا تمنن بالنبوة على الناس تستكثرهم بها تأخذ عليه عوضاً من الدنيا.
وقال ابن عباس: لا تعط العطية تلتمس أكثر منها. ورجح ابن كثير هذا القول.
هذا ما ذكره ابن كثير.
وإذن فالمفسرون ليسوا على اتفاق على ما ذهب إليه الرافعي فأين الخصوصية إذن.
ثم لماذا تقطع هذه الآية من سياق الآيات لتعطى هذا الحكم الخاص.
فالسورة تبدأ بالشكل الآتي:
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ}
[المدثر: 1- 7] (1).
إنها أوامر عطف بعضها على بعض، فلماذا خصت هذه الآية بالخصوصية دون سواها؟.
وما ذهب إليه الزمخشري في قوله الثاني هو الصواب، فالخطاب له ﷺ وعلى أمته أن تتأسى به. وليست المسألة من الخصائص، والله أعلم.
______________________
1. سورة المدثر، الآيات (1-7).