قالوا: من خصائصه ﷺ إباحة دخول مكة بغير إحرام، وفي جوازه لغيره من غير عذر خلاف.
وذكر القضاعي (1) أن ذلك مما خص به دون من قبله من الأنبياء (2).
ودليل ذلك ما أخرج مسلم عن جابر بن عبدالله الأنصاري: أن رسول الله ﷺ دخل مكة يوم فتح وعليه وعمامة سوداء بغير إحرام (3).
وليس في هذا الحديث ولا في غيره ما يشعر بالخصوصية، سواء أكان ذلك بالنسبة للناس، أم بالنسبة للأنبياء.
قال سيد سابق في كتابه فقه السنة:
“يجوز دخول مكة بغير إحرام، لمن لم يرد حجاً ولا عمرة، سواء أكان دخوله لحاجة تتكرر، كالتاجر والزائر وغيرهما، وسواء أكان آمناً أم خائفاً.
وهذا أصح القولين للشافعي، وبه يفتي أصحابه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه رجع من بعض الطريق فدخل مكة غير محرم.
وعن ابن شهاب قال: لا بأس بدخول مكة بغير إحرام.
______________________
1. القضاعي: محمد بن سلامة بن جعفر، أبو عبدالله القضاعي، مؤرخ مفسر من علماء الشافعية، توفي سنة (454) هـ.
2. مرشد المحتار ص 208.
3. أخرجه مسلم برقم (1358).
وقال ابن حزم: دخول مكة بلا إحرام جائز.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل المواقيت لمن مر بهن، يريد حجاً أو عمرة، ولم يجعلها لمن لم يرد حجاً ولا عمرة.
فلم يأمر الله تعالى قط، ولا رسوله عليه الصلاة والسلام بأن لا يدخل مكة إلا بإحرام.
فهذا إلزام ما لم يأت في الشرع إلزامه” ا هـ (1).
فأين الخصوصية إذن؟! وما بني الفقهاء الأحكام في دخول مكة بغير إحرام إلا على الحديث المذكور، إذ فعله ﷺ تشريع للناس.
______________________
2. فقه السنة: بحث الحج. فقرة: دخول مكة بغير إحرام.