قال ابن الملقن: كان له ﷺ أن يقضي بعلمه وفي غيره خلاف، واستدل له البيهقي بقصة هند في الصحيحين (3).
______________________
3. بداية السول ص 172.
وحديث الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
جَاءَتْ هِنْدٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي وَوَلَدِي مَا يَكْفِينِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَالَ (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ)
(1).
قالوا: فقد قضى صلى الله عليه وسلم في الواقعة بغير بينة ولا إشهاد، اعتماداً على علمه، وهذا أمر خاص به، ولا يصح من غيره، وهو دليل على القضاء على الغائب.
وقد رد العلماء هذا القول وقالوا: إنه إفتاء لا قضاء.
“قال النووي: ولا يصح الاستدلال – بأن الواقعة قضاء على غائب – لأن هذه القصة كانت بمكة، وكان أبو سفيان حاضراً بها، وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائباً عن البلد، أو مستتراً لا يقدر عليه، ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجوداً، فلا يكون قضاء على الغائب، بل هو إفتاء.
وقد وقع في كلام الرافعي في عدة مواضع أنه كان إفتاء” (2).
قال ابن حجر: “وحجة من منع – أن تكون الواقعة قضاء – قوله في حديث أم سلمة:
(إِنَّمَا أَقْضِيَ لَهُ بِمَا أَسْمَعُ مِنْهُ)
(3)
ولم يقل بما أعلم، وقال للحضرمي:
(شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ)
وفيه: (وليس لك إلا ذاك (4)” (5).
من هذا يتبين: أن الواقعة لم تكن قضاء، وأنه ﷺ لم يقض بعلمه، وإنما هي فتوى في بيان الحلال والحرام.
وبهذا ينتفي القول بالخصوصية.
______________________
1. متفق عليه (خ 5364، م 1714).
2. فتح الباري 9/ 510.
3. متفق عليه (خ 6967، م 1713).
4. أخرجه مسلم برقم (139).
5. فتح الباري 13/ 139.