ميمونة بنت الحارث بن بجير الهلالية، وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، ولميمونة أخوات شقيقات وأخوات لأم.
ومن شقيقاتها: لبابة الكبرى، زوجة العباس عم الرسول ﷺ وأم أولاده.
ومن أخواتها لأمها: زينب بنت خزيمة التي تزوجها الرسول ﷺ، وكانت توصف بأم المساكين، والتي توفيت عن النبي ﷺ بعد زواجها بشهرين أو أكثر قليلاً.
وأسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب، وقد تزوجت بعده أبا بكر ثم علي رضي الله عنهم.
وسلمى بنت عميس – أخت أسماء – تزوجت حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه.
وميمونة هي خالة خالد بن الوليد (1)، وكذلك خالة ابن عباس رضي الله عنهم.
عندما اعتمر النبي ﷺ عمرة القضاء، وفقاً لاتفاق صلح الحديبية مع قريش وذلك سنة سبع من الهجرة، التقى النبي ﷺ بالعباس عمه، فعرض عليه الزواج من ميمونة التي جعلت أمرها إلى العباس، فوافق ﷺ على ذلك، ولعل زوجة العباس كانت وراء هذا الموضوع.
كانت ميمونة زوجة لأبي رهم بن عبد العزى العامري فتوفي عنها.
وكان ﷺ يريد إطالة مكوثه في مكة، فرأى أنه لو استأذن قريشاً في إقامة الوليمة قبل أن يغادر مكة، ولكنه في الثالث من إقامته بمكة وهي المدة المتفق عليها، أتاه حويطب بن عبد العزى وسهيل بن عمرو – وقد أسلما بعد ذلك – في نفر من قريش، فقالوا له: قد انقضى أجلك، فاخرج عنا، فقال: (وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم، وصنعت لكم طعاماً، فحضرتموه)، فقالوا: لا حاجة لنا بك ولا بطعامك. فغضب سعد بن عبادة، وقال لسهيل بن عمرو: كذبت، لا أم لك، ليست بأرضك ولا أرض أبيك، والله لا يبرح إلا طائعاً راضياً. فتبسم النبي ﷺ وقال: (يا سعد! لا تؤذ قومنا، زارونا في رحالنا). . فخرج (2).
______________________
1. أم خالد بن الوليد: لبابة الصغرى أخت لبابة الكبرى زوج العباس.
2. “شرح الزرقاني على المواهب” (3/ 251).
لقد كانت هذه العمرة فرصة للقاء المسلمين من المهاجرين مع أقربائهم ممن لم يكن أسلم، مما كان له الأثر الكبير في تعرف قريش على الإسلام. . ولقد رأينا بعد هذه العمرة كيف استقبلت المدينة خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة. . وقد جاؤوا مسلمين. .
ولهذا كان حرصه ﷺ على البقاء في مكة فترة أطول، ولكن قريشاً لم توافق.
وخرج ﷺ من مكة حتى إذا كان بمكان يسمى “سرف” قرب التنعيم على بد تسعة أميال مكة، نصب الخيام وأعرس بميمونة.
ومن بيت ميمونة نقل لنا ابن عباس رضي الله عنهما كيفية صلاة رسول الله ﷺ في تهجده، فقد نام ليلة في بيتها – وهي خالته – وكان رسول الله ﷺ عندها. . ونقل لنا صلاته ودعاءه. كما جاء ذلك في “الصحيحين” (1).
ومن بيت ميمونة ننقل المشهد التالي:
قال ابن عباس: أخبرني خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى مَيْمُونَةَ – وَهِيَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ – فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا (2) قَدْ قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ فَقَدَّمَتْ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ عَنْ الضَّبِّ فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (لَا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ) (3) قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْظُرُ إِلَيَّ (4).
توفيت ميمونة سنة إحدى وخمسين للهجرة بسرف، ودفنت في الموضع الذي بني بها ﷺ فيه، رحمها الله تعالى ورضي عنها.
وهي آخر من تزوج بهن ﷺ.
______________________
1. رواه البخاري (183، 6316)، ومسلم (763).
2. محنوذ: مشوي.
3. أعافه: لا أرغب به.
4. رواه البخاري (5391)، ومسلم (1946).