كانت سورة “محمد ﷺ” (1) قد نزلت – في أغلب الظن – بين غزوتي أحد والأحزاب، وفيها حث للمؤمنين على المشاركة في أعمال الجهاد، وعدم التباطؤ، وفيها تلك اللهجة القوية التي تتناسب مع أهداف السورة وما سميت به وهو “القتال” وبحسن بنا أن نذكر بعض آياتها. .
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّۢا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ }
(الآية: 4).
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن تَنصُرُوا ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
(الآية: 7).
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَأَنَّ ٱلْكَٰفِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ}
(الآية: 11).
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ}
(الآية: 31).
_______________________
1. تسمى هذه السورة أيضاً سورة القتال.
{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوٓا إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ}
(الآية: 35).
{هَٰٓأَنتُمْ هَٰٓؤُلَآءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِۦ ۚ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِىُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓا أَمْثَٰلَكُم}
(الآية: 38).
ولقد استقام المؤمنون مع هذه التوجيهات القرآنية والإرشادات النبوية التي كانت توضحها وتعضدها.
ولم يأت صلح الحديبية حتى كانت النفوس قد استوعبت هذه المعاني وأصبحت سجية من سجاياها. ولعل ما حدث من موقف المؤمنين بالنسبة للصلح كان بسبب هذا الاندفاع الجهادي الذي كان نتيجة للتربية في الفترة السابقة.
ويقارن سيد قطب رحمه الله بين سورتي القتال والفتح فيقول:
“وبالموازنة بينها – سورة الفتح – وبين إيحاءات سورة محمد. . يتبين مدى ما طرأ على الجماعة المسلمة في موقفها كله من تغيرات عميقة، في مدى السنوات الثلاث، التي نرجح أنها تفرق بين السورتين في زمن النزول. ويتبين مدى فعل القرآن الكريم، وأثر التربية النبوية الرشيدة لهذه الجماعة. .
“واضح في جو سورة الفتح وإيحاءاتها أننا أمام جماعة نضج إدراكها للعقيدة، وتجانست مستوياتها الإيمانية، واطمأنت نفوسها لتكاليف هذا الدين، ولم تعد محتاجة إلى حوافز عنيفة الوقع كي تنهض بهذه التكاليف في النفس والمال، بل عادت محتاجة إلى من يخفض حميتها. . وفق حكمة القيادة العليا للدعوة”.
“لم تعد الجماعة المسلمة تواجه بمثل قوله تعالى:
{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوٓا إِلَى ٱلسَّلْمِ.. }
ولا يمثل قوله تعالى:
{هَٰٓأَنتُمْ هَٰٓؤُلَآءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ . .}
ولم تعد في حاجة إلى حوافز قوية للجهاد بالحديث عن الشهداء. .”.
“وإنما صار الحديث عن السكينة التي أنزلها الله في قلوب المؤمنين، أو أنزلها عليهم، والمقصود بها تهدئة فورتهم وتخفيض حميتهم. .” (1).
وإذن فقد آتت التربية الجهادية ثمارها، وكانت هذه الفترة الأخيرة بدءاً من صلح الحديبية مواسم لقطف هذه الثمار. ونعطي نماذج لذلك.
في صلح الحديبية:
أخذت البيعة بعد احتجاز عثمان رضي الله عنه من قبل قريش، وقد تهيأت الأنفس للقنال على الرغم من أن أكثر الناس محرمون وليس معهم من أدوات القتال إلا السيوف.
ثم كان الصلح. . وكان الشرط الثاني قاسياً في حق المؤمنين. وقام عمر بدور فعال. . ولو استطاع أن يلغي هذا الصلح ليقاتل هؤلاء المشركين لفعل.
قال عمر فأتيت نبي الله فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: “بلى”، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: “بلى”، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: “إني رسول الله ولست أعصيه. .”.
ولم يكن هذا شأن عمر وحده، بل هو شأن عامة المسلمين، فقد أمر ﷺ بعد ذلك أصحابه بالنحر والحلق. . حتى قال ذلك ثلاث مرات فلم يقم أحد. . ثم كان أن قام صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك. . وتبعه الناس. .
لقد كانوا من شدة صدمة الصلح وكأنهم لم يسمعوا. .
_______________________
1. في ظلال القرآن، في تفسير سورة الفتح.
إنه الاستشعار لعزة الإيمان واسترخاص للأنفس والأموال في سبيل ذلك. .
وفي غزوة مؤتة:
كان عدد جيش المسلمين ثلاثة آلاف. . ولما كانوا على مقربة من مكان اللقاء بلغهم أن عدد أعدائهم يزيد على مائة ألف. .
ومكثوا ليلتين يفكرون. . ثم قال عبدالله بن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون، للتي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة.
فقال الناس: قد والله صدق ابن رواحة. .
وفي غزوة تبوك:
التي سمي جيشها: جيش العسرة. . فقد دعي المؤمنون إلى الإنفاق وأنفقوا. .
ومع كل ما بذل من نفقات. . فإنها لم تستوعب تجهيز الراغبين في المشاركة في الجهاد وتخلف أناس عن المشاركة لهذا السبب.
وقد أدى حزن بعض هؤلاء إلى البكاء. وقد نص القرآن على ذلك فقال تعالى:
{وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَآ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} (1).
_______________________
1. سورة التوبة: الآية 92.
وذهب واثلة بن الأسقع ينادي: ألا من يحمل رجلاً له سهمه؟. . والتقى بشيخ من الأنصار فقال: لنا سهمه على أن نحمله عقبة. وطعامه معنا. . وخرج مع الخارجين.
وأبطأ بأبي ذر بعيره، فأخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً. .
تلك نماذج تبين لنا مدى ما وصلت إليه الرغبة في الجهاد لدى المسلمين، والحرص على المشاركة فيه، وما ذاك إلا من آثار التوجيه القرآني الكريم والتأسي ﷺ.
درس من حنين:
كان الخط العام في لقاء المسلمين مع أعدائهم، أن يكون عدد المسلمين هو الأقل، ويكون عدوهم أكثر عدداً وعدة. .
إلا ما كان في غزوة حنين بعد فتح مكة. . فقد كان عدد جيش المسلمين على الضعف من عدد عدوهم، وكانوا كاملي العدة. . ولكنهم انهزموا في أول اللقاء ثم جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة نداء عمه العباس بعض أصحاب الشجرة فقاتل بهم فانتصر.
إنه درس في القيمة العددية والاعتماد عليها. وقد سجل القرآن هذا الدرس في آياته الخالدة فقال:
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍۢ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـًٔا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَٰفِرِينَ} (1).
_______________________
1. سورة التوبة: الآيتان 25 – 26.
كان هذا الدرس ضرورياً لاستكمال التربية الجهادية من جميع جوانبها في ميدان المعركة. حتى تظل القواعد ثابتة في الاعتماد على الله والتوكل عليه، وإعداد العدة تنفيذاً لأوامره سبحانه وتعالى. .
تقرير مكانة الجهاد:
كانت سورة التوبة من آخر سورة القرآن الكريم نزولاً. وكان في جملة ما تحدثت عنه غزوة تبوك، التي كانت اللقاء الأول الذي يقوده صلى الله عليه وسلم بنفسه مع الروم والنصارى. .
أي إنه اللقاء الأول الذي يحمل هذه الدعوة إلى إطارها العالمي، ولذا فهي تقرر الأحكام النهائية في أمر الجهاد وبيان مكانته بين تعاليم الإسلام.
إن نشر الدعوة واجب، والجهاد لحملها وإيصالها إلى كل أرجاء الأرض واجب
{حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِ ۚ }
(1)
وهذا يتطلب حركة جهادية دائمة لا تتوقف.
ومن هنا يأتي الأمر القرآني الكريم موجهاً إلى المؤمنين عامة، يطلب إليهم المشاركة الجادة ببذل الأموال والأنفس. .
قال تعالى:
{ٱنفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَٰهِدُوا بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (2)
قرأ أبو طلحة سورة براءة فأتى على هذه الآية:
{ٱنفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَٰهِدُوا بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ }
فقال: أرى ربنا استنفرنا شيوخنا وشباباً، جهزوني يا بني، فقال بنوه: يرحمك الله، قد غزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، ومع أبي بكر حتى مات، ومع عمرحتى مات، فنحن نغزو عنط فأبى، فركب البحر. .
_______________________
1. سورة الأنفال: الآية 39.
2. سورة التوبة: الآية 41.
وكان أبو أيوب يقول: قال الله تعالى:
{ٱنفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}
فلا أجدني إلا خفيفاً أو ثقيلاً.
وقال ابن جرير: حدثني حيان بن زيد الشرعي قال: نفرنا مع صفوان بن عمرو، وكان والياً على حمص قبل الأفسوس، فرأيت شخياً كبيراً هماً قد سقط حاجباه على عينيه من أهل دمشق على راحلته، فيمن أغار، فأقبلت إليه فقلت: يا عم لقد أعذر الله إليك، قال: فرفع حاجبيه فقال: يا ابن أخي، استنفرنا الله خفافاً وثقالاً. . (1).
وبهذا الإيمان سارع المخاطبون من المؤمنين إلى تلبية النداء، وإنه لما يؤكد عموم هذا النداء، أن أحد المخلفين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك من غير عذر كان شيخاً كبيراً وهو هلال بن أمية، كما ورد ذلك على لسان زوجته بقولها: إن هلال بن أمية شيخ ضائع. .كما في البخاري، ومع ذلم لم يعذر.
ولماذا نبعد النجعة؟ فقد كان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم يوم قاد غزوة تبوك، قد تجاوز الحادية والستين.
وهكذا يستقر في خلد كل مسلم أنه لا بد له من المشاركة في الجهاد استكمالاً لمقتضيات إيمانه.
جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ ” (2).
وهذا يعني أن على كل فرد مسلم أن يسعى للمشاركة في الجهاد، ولا ينبغي له أن يموت دون هذه المشاركة، خلال حياته، وبهذا يصبح الجهاد من وجهة نظر الفرد فرض عين، ولذا ذهب الكثير من فقهاء الإسلام إلى اعتبار الجهاد الركن السادس من أركان الإسلام.
_______________________
1. عن تفسير ابن كثير في تفسير الآية المذكورة.
2. رواه مسلم برقم 1910 وأبو داود برقم 2502 وهو عند النسائي أيضاً.
وهذا لا يعارض ما استقر عليه الحكم الفقهي من كون الجهاد – في الأحوال العادية – فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقي، فتلك نظرة تنطلق من الحكم على الجماعة ككل.
وفي الأحوال التي تحول فيها الموانع دون الفرد، فتمنعه من المشاركة فإن الإسلام بفتح له باباً للتعويض عن ذلك، فقد ورد في الحديث الصحيح قوله ﷺ:
“مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا” (1).
وهكذا يستقر الجهاد ركناً أساسياً من أركان التربية الإسلامية، لا يجوز بحال من الأحوال إغفاله أو غض النظر عنه، وقد هددت سورة التوبة الذين يتوانون في إقامة هذا الركن في حياتهم بالعذاب الأليم، قال تعالى:
{إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـئًا ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ} (2).
قال صاحب الظلال رحمه الله، عند تفسير هذه الآية:
“والخطاب لقوم معينين في موقف معين، ولكنه عام في مدلوله لكل ذوي عقيدة في الله. والعذاب الذي يتهددهم ليس عذاب الآخرة وحده، فهو كذلك عذاب الدنيا. عذاب الذلة التي تصيب القاعدين الجهاد والكفاح، والغلبة عليهم للأعداء، والحرمان من الخيرات واستغلالها المعادين، وهم مع ذلك كله
_______________________
1. متفق عليه وهو عند مسلم برقم 1892.
2. سورة التوبة: الآية 39.
وجاء في صحيح مسلم عن أنس أن فتى من أسلم قال: يا رسول الله، إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به قال: “أئت فلان فإنه قد تجهز فمرض”، فأتاه فقال: إن رسول الله ﷺ يقرئك السلام ويقول: أعطني الذي تجهزت به، قال: يا فلانة أعطيه الذي كنت تجهزت به ولا تحبسين منه شيئاً، فوالله لا تحبسي منه شيئاً فيبارك لك فيه.
يخسرون من النفوس والأموال أضعاف ما يخسرون في الكفاح والجهاد، ويقدمون على مذبح الذل أضعاف ما تتطلبه منهم الكرام لو قدموا لها الفداء، وما من أمة تركت الجهاد إلا ضرب الله عليها الذل، فدفعت مرغمة صاغرة لأعدائها أضعاف ما كان يتطلبه منها كفاح الأعداء. .”.
وتعود سورة التوبة في أواخرها – وهي من آخر ما نزل، كما قلنا – لتذكر أن قضية الجهاد جزء من الالتزام الإيماني، ولا بد من الوفاء بهذا الالتزام، إذ هو بيعى في عنق كل مسلم عليه الوفاء بها. .
ذلك ما تقرره الآية التالية في قوله تعالى:
{إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} (1).
وقد آتت هذه التربية ثمارها، فوفى جيل الصحابة بعهده. . وتبعته الأجيال المؤمنة جيلاً بعد جيل. . وما انتشار الإسلام في أرجاء الأرض إلا الثمرة لهذا الوفاء وإذا أريد للإسلام أن يأخذ دوره مرة أخرى فلا بد من سلوك هذا الطريق في تربية الأجيال. .
_______________________
1. سورة التوبة: الآية 111.