×

الرد على من أنكر معجزات انشقاق القمر

بعض الطاعنين أنكر معجزات النبي ﷺ وقال: إنه لا يقبلها عقل. ومما يؤسف له أن كثيراً من المعاصرين على ذلك:

يقول محمد رشيد رضا: “وأما تلك العجائب الكونية، فهي مثار شبهات وتأويلات كثيرة في روايتها وفي صحتها وفي دلالتها، وأمثال هذه الأمور تقع من أناس كثيرين في كل زمان، والمنقول منها عن صوفية الهنود المسلمين أكثر من المنقول عن العهدين العتيق والجديد، وعن مناقب القديسين، وهي من منفرات العلماء عن الدين في هذا العصر” (1)، وقال: “لولا حكاية القرآن لآيات الله التي أيد بها موسى وعيسى – عليهما السلام – لكان إقبال أحرار الإفرنج عليه أكثر، واهتداؤهم به أعم وأسرع” (2).

وهذا الكلام في غاية الخطورة، فكأنه يشير إلى أن الله تعالى صد الناس عن الإيمان بسبب ذكر هذه الآيات، ونقول له:

{قُلْ ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ}

[البقرة: 140]

وإن المرء ليعجب أشد العجب؛ إذ كيف لرجل مثل رشيد رضا أن يتهم القرآن لأجل أحرار الإفرنج؟!

وقال الشيخ مصطفى المراغي في تقديمه لكتاب “حياة محمد” لمحمد حسين هيكل: “ولم تكن معجزة محمد القاهرة إلا في القرآن، وهي معجزة عقلية، وما أبدع قول البوصيري:

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

1. تفسير المنار (11/ 155).

2. المصدر السابق.


لم يمتحنا بما تعيا العقول به     حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم (1)

وبمعنى هذا الكلام قال محمد حسين هيكل، وعبد العزيز جاويش، ومحمد فريد وجدي، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ محمد عبده (2)، وغالب المدرسة العقلية على هذا الرأي؛ وهو إنكار جميع المعجزات إلا القرآن، وبعضهم لا ينكرها ولكن يقول: هي ليست بذات أهمية، فضلاً أن تكون دليلاً على صحة نبوة النبي ﷺ.

وقد استخدم بعضهم تأويلات باردة في إنكار المعجزات؛ فبعضهم يتكئ على قضية ورودها في أحاديث آحاد، وأحاديث الآحاد – كما يقولون – لا تقبل في العقائد (3)، فإن كانت متواترة أنكر تواترها، ولكنهم شرقوا في بعض الآيات التي نص عليها القرآن مثل: انشقاق القمر (4)؛ وهي معجزة قد تواترت عن النبي ﷺ أيضاً، فإليك ملخص ما قاله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حياة محمد، لمحمد هيكل (ص 13).

 

(2) انظر: كتاب منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، د. فهد بن عبد الرحمن الرومي (ص 545- 595)، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الخامسة، 1422هـ.

 

(3) انظر في الرد على شبهة أحاديث الآحاد لا تقبل في العقائد: أشراط الساعة، ليوسف الوابل (ص 41- 52)، دار ابن الجوزي، الرياض، ط 8، 1997م، ورسالة “وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرد على شبه المخالفين”، للألباني رحمه الله، دار العلم، بنها، وكتاب “السنة النبوية في كتاب أعداء الإسلام. . . مناقشتها والرد عليها”، لعماد الشربيني (ص 12- 62) دار اليقين، المنصورة، الطبعة الأولى، 2002م.

 

(4) وإنما تكلمت عن هذه الآية فقط مع أنهم ينكرون جميع الآيات والمعجزات سوى القرآن، لأن هذه المعجزة من أوضح المعجزات وأكثرها دلالة، فمن أنكرها فهو لغيرها أشد إنكاراً، ولأن رشيد رضا أطال في إنكارها حتى اقتنع بكلامه الكثير ممن قرأه.


 

محمد رشيد رضا في إنكار هذه الآية (1):

أولاً: الطعن في السند:

1-     إنكار التواتر:

قال: زعم بعض العلماء المتقدمين أن الروايات في انشقاق القمر بلغت درجة التواتر، وهو زعم باطل.

وقال: فلو وقعت لتوفرت الدواعي على نقله بالتواتر؛ لشدة غرابته عند جميع الناس في جميع البلاد ومن جميع الأمم.

2-     التشكيك في صحة السند:

قال: فأما الشيخان فالذي صح عندهما مسند على شرطها إنما هو عن واحد من الصحابة، يخبر عن رؤية وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وأما رواية أنس وابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين فهي مرسلة؛ لأن هذه الحادثة حصلت بمكة قبل أن يولد ابن عباس، وأنس كان في المدينة ولم يشهدها، وأما ما انفرد به مسلم عن ابن عمر، فإن ابن عمر لم يصرح أنه رأى هذه الآية، وأما ما رواه الترمذي عن جبير بن مطعم فهو ضعيف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر: مجلة المنار، المجلد 30 الجزء الرابع (ص 266- 268)، والمجلد 30 الجزء الخامس (ص 362- 376)، وانظر: كلام الشيخ محمد مصطفى المراغي في تفسير المراغي (27/ 77) بنحوه.


 

ثانياً: الطعن في المتن:

إذن لم يسلم مما سبق إلا حديث أن مسعود؛ فهو حديث متفق عليه، وقد شاهد هذه الآية بنفسه، فكان أن طعن في متنه؛ فقال:

1- الروايات فيها اختلاف؛ ففيها: “رأيت القمر منشقاً شقتين؛ شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء”، ورواية: “انشق القمر فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه”، ورواية: “رأيت القمر على الجبل وقد انشق فأبصرت الجبل بين فرجتي القمر”، ورواية: “فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما”، ورواية: “فانشق القمر نصفين؛ نصفاً على الصفا ونصفاً على المروة”.

ثم يقول: “والقاعدة المشهورة عند العلماء في الأدلة المتعارضة، التي يتعذر الجمع بينهما تساقطها، ومن الدائر على ألسنتهم: تعادلاً فتساقطا”.

ثالثاً: إشكال فلكي:

قال: لا يشك عاقل أن خلق السماوات وإجرامها في غاية الإبداع، والنظام لا تفاوت فيه ولا خلل، وأن سنته تعالى لا تتبدل ولا تتحول، فلا يصدق خبر وقوع تغير فيها إلا بخبر قطعي ثابت.

الإشكال الأصولي الأعظم:

هكذا يصف السيد رشيد – عفا الله عنه – ما يورده هنا من شبهة على انشقاق القمر حيث يقول: “وثبت بالآيات المحكمة الكثيرة القطعية الدلالة أن الكفار طالبوا النبي ﷺ بآية من الآيات الكونية، التي أوتي مثلها الرسل على الإبهام، وأنهم اقترحوا عليه آيات معينة أيضاً، فلم يجابوا إلى طلبهم، قال تعالى:

{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلْآيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلْأَوَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلْأَيَٰتِ إِلَّا تَخْوِيفًا}

[الإسراء: 59].

وقال سبحانه وتعالى:

{وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلْأَرْضِ يَنۢبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍۢ وَعِنَبٍۢ فَتُفَجِّرَ ٱلْأَنْهَٰرَ خِلَٰلَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِىَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَٰبًا نَّقْرَؤُهُۥ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا}

[الإسراء: 90- 93]

فكيف يمكننا أخذ رواية ابن مسعود في الصحيحين بالقبول، فنصدق أن المشركين طلبوا من النبي ﷺ آية، فأراهم انشقاق القمر؟ وجملة القول: إنه لو صح أن قريشاً سألوا النبي ﷺ آية فأجابهم إلى طلبهم، ثم كفروا لعذبهم، ولكنه لم ينقل أن الله تعالى عذب أحداً منهم عقب ذلك التكذيب” (1).

هذا ما قاله رشيد رضا في نفي هذه المعجزة، ولكن بقي إشكال وهو: ما الذي يقال إذن في معنى الآية { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ}؟ قال رشيد رضا: “فإذا أنت راجعت لغة القرآن في معاجمها لتفهم الآية منها دون هذه الروايات؛ وجدت في “لسان العرب” ما نصه: “والشق الصبخ، وشق الصبح يشق شقاً إذا طلع، وفي الحديث: “فلما شق الفجر أمرنا بإقامة الصلاة”، يقال: شق الفجر وانشق إذا طلع” اهـ. فعلى هذا يقال: انشق القمر بمعنى طلع وانتشر نوره، ويكون في الآية بمعنى ظهر الحق ووضح كالقمر يشق الظلام بطلوعه ليلة البدر”.

 ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجلة المنار، المجلد 30، الجزء الخامس (ص 363- 365)، بتصرف.


 

ثم يختم حديثه في هذه المسألة بقوله: “ومن اطمأنت نفسه من المسلمين بقبول سائر تلك الروايات على علاتها، وكان ممن يرى مخالفة النقل القطعي والعقل أهون من مخالفة زيد وعمرو، وصدق عقله أن تقع هذه الآية، ولا يحدث أحد من الخلفاء الراشدين ولا غيرهم من قدماء الصحابة برؤيتها والاحتجاج بها، فضلاً عن تواترها؛ فليس له يجعلها من عقائد المسلمين، وينفر مستقلي الفكر ومتبعي الدليل من المسلمين وغير المسلمين منه”.

إلى هنا انتهى رشيد رضا من تقرير هذه المسألة، والذي يبدو للوهلة الأولى أن له حظاً من النظر، ولكن حقيقة الأمر على الضد من ذلك فإليك الجواب عن كل ما قال:

أولاً: طعنه في السند:

1- إنكاره تواتر الحديث:

لقد نص على تواتر الحديث جهابذة هذا الفن وأمراء الحديث في القديم والحديث؛ نذكر من ذلك:

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “قد كان هذا زمان رسول الله ﷺ، كما ورد ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة” (1).

وقال الكتاني: “قال التاج ابن السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب الأصلي: الصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر، منصوص عليه في القرآن، مروي في الصحيحين وغيرهما من طرق من حديث شعبة عن سليمان بن مهران، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، ثم قال: وله طرق أخرى شتى بحيث لا يمترى في تواتره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تفسير القرآن العظيم (4/ 261).


 

قال القاضي عياض في الشفا – بعد ما ذكر أن كثيراً من الآيات المأثورة عنه ﷺ معلومة بالقطع – ما نصه: أما انشقاق القمر، فالقرآن نص بوقوعه، وأخبر بوجوده، ولا يعدل عن ظاهر إلا بدليل، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة، فلا يوهن عزمنا خلاف أخرق منحل عرى الدين، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك في قلوب ضعفاء المؤمنين، بل نزعم بهذا أنفه، وننبذ بالعراء سخفه.

وفي أمال الحافظ ابن الحجر: أجمع المفسرون وأهل السير على وقوعه، قال: ورواه من الصحابة: علي، وابن مسعود، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وغيرهم.

وقال القرطبي في المفهم: رواه العدد الكثير من الصحابة، ونقله عنهم الجم الغفير من التابعين، فمن بعدهم. اهـ.

وفي المواهب اللدنية: جاءت أحاديث الانشقاق في روايات صحيحة عن جماعة من الصحابة، منهم: أنس، وابن مسعود، وابن عباس، وعلي، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عمر، وغيرهم.

وقال ابن عبد البر: روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين، ثم نقله عنهم الجم الغفير إلى أن انتهى إلينا، وتأيَّد بالآية الكريمة. وقال المناوي في شرحه لألفية السير للعراقي: تواترت بانشقاق القمر الأحاديث الحسان، كما حققه التاج السبكي وغيره” (1).

وبنحوه قال ابن حجر (2).

____________

(1) نظر المتناثر في الحديث المتواتر (ص 222)


 

2- طعنه في صحة السند:

ولو سلمنا بعدم تواتره، فهو لا شك بصحته، وأما محاربة رشيد رضا تضعيف السند فهي محاولات بائسة، ويكفي في صحة اتفاق البخاري ومسلم على تخريجه في كتابيهما عن طريق ثلاثة من الصحابة، وتصحيح الأئمة له.

وقد نقل الحافظ ابن الصلاح اتفاق الأمة على تلقي ما اتفق عليه الشيخان بالقبول والصحة، ووافقه العراقي على ذلك، ونقله عن جمع غفير من الأئمة (1).

وأما دعواه أن حديث أنس وابن عباس من قبيل مرسل الصحابي فنقول: ماذا في هذا؟! فمرسل الصحابي مقبول عند علماء الحديث: قال ابن الصلاح: “ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ما يسمى في أصول الفقه مرسل الصحابي، مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله ﷺ ولم يسمعوه منه؛ لأن ذلك في حكم الموصول المسند” (2).

وقال الحافظ العراقي: “المحدثون وإن ذكروا مراسيل الصحابة، فإنهم لم يختلفوا في الاحتجاج بها” (3).

____________

(1) انظر: مقدمة ابن الصلاح مع شرحها للعراقي (ص 43).

 

(2) علوم الحديث، للحافظ أبي عمرو بن الصلاح (ص 75)، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1995م، وفي حاشيته كتاب “التقييد والإيضاح لما أطلق وأطلق من مقدمة ابن الصلاح” للحافظ العراقي.

 

(3) المرجع السابق (ص 79).


 

ثم لو سلمنا بعدم قبول رواية مرسل الصحابي – وهو مخالف للإجماع بالاحتجاج بها كما علمت -، فقد رواه ابن مسعود مشاهدة، وهو ليس بمرسل في حقه، وكذلك رواه ورآه علي بن أبي طالب، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين (1).

ثانياً: طعنه في متن الحديث:

وأما تضعيفه حديث ابن مسعود المتفق عليه بسبب اضطراب ألفاظه – كما يزعم – فهو في غاية العجب.

فرواية: “انشق القمر ونحن في مكة”، ورواية “نحن في منى” لا تعارض بينهما إذ منى من مكة، أو أن المراد بمكة يعني قبل الهجرة. قال ابن حجر: “والجمع بين قول ابن مسعود “تارة بمنى وتارة بمكة” إما باعتبار التعدد إن ثبت، وإما بالحمل على أنه كان بمنى، ومن قال: كان بمكة لا ينافيه؛ لأن من كان بمنى كان بمكة من غير عكس، ويؤيده أن الرواية التي فيها بمنى قال قال: “ونحن بمنى” والرواية التي فيها بمكة لم يقل فيها “ونحن” وإنما قال: “انشق القمر بمكة” يعني: أن الانشقاق كان وهم بمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة، وبهذا يندفع دعوى الداوودي أن بين الخبرين تضاداً، والله أعلم” (2).

وقال: “وقد وقع عند ابن مردويه بيان المراد فأخرجه من وجه آخر عن ابن مسعود قال: “انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ ونحن بمكة قبل أن نصير إلى المدينة” فوضح أن مراده بذكر مكة الإشارة إلى أن ذلك وقع قبل الهجرة، ويجوز أن ذلك وقع وهم ليلتئذ بمنى” (3).

____________

(1) انظر: فتح الباري

 

(2) فتح الباري (7/ 223).

 

(3) المرجع السابق.


 

ورواية: “رأيت القمر على الجبل وقد انشق، فأبصرت الجبل بين فرجتي القمر”، ورواية: “فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما” لا تعارض بينهما البتة، وكذا رواية: “انشق القمر فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه” فإنها قريبة من معناهما.

فلم يبق إلا ما ظاهره التعارض بين هاتين الروايتين “رأيت القمر منشقاً شقتين؛ شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء”، ورواية: “فانشق القمر نصفين؛ نصفاً على الصفا، ونصفاً على  المروة”.

وهذا ليس فيه إشكال؛ فإن نظر الإنسان يختلف بحسب الزواية التي ينظر منها؛ فمرة يرى القمر فوق أبي قبيس، ثم إذا تحرك رآه على الصفا وهكذا أو هو بحسب اختلاف جهة الناظرين، فبعضهم يراه من زاوية والآخر يراه من زواية أخرى.

وقال ابن حجر: “لفظ “رأيت القمر منشقاً شقتين، شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء” والسويداء بالمهملة والتصغير ناحية خارجة مكة عندها جبل، وقول ابن مسعود “علي أبي قبيس” يحتمل أن يكون رآه كذلك وهو بمنى، كأن يكون على مكان مرتفع بحيث رأى طرف جبل أبي قبيس ويحتمل أن يكون القمر استمر منشقاً حتى رجع ابن مسعود من منى إلى مكة، فرآه كذلك وفيه بعد، والذي يقتضيه غالب الروايات أن الانشقاق كان قرب غروبه، ويؤيد ذلك إسنادهم الرؤية إلى جهة الجبل، ويحتمل أن يكون الانشقاق وقع أول طلوعه؛ فإن في بعض الروايات أن ذلك كان ليلة البدر، أو التعبير بأبي قبيس من تعبير بعض الرواة؛ لأن الغرض ثبوت رؤيته منشقاً، إحدى الشقتين على جبل، والأخرى على جبل آخر، ولا يغاير ذلك قول الراوي الآخر، رأيت الجبل بينهما، أي: بين الفرقتين؛ لأنه إذا ذهبت فرقة عن يمين الجبل، وفرقة عن يساره مثلاً صدق أنه بينهما،

وأي جبل آخر كان من جهة يمينه أو يساره صدق أنها عليه أيضا” (1).

وفي رواية لمسلم من حديث أنس رضي الله عنه: “أن أهل مكة سألوا رسول الله ﷺ أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين” (2).

وهذه الرواية تقضي على الإشكالات، فهي تدل أن الانشقاق حصل مرتين، فمرة رأوه فوق جبل أبي قبس ومرة عند الصفا، وإن كان بعض العلماء يشكك في هذه اللفظية (مرتين) ويرى أنها (فرقتين) (3).

ولو سلمنا التعارض التام بين هاتين اللفظتين من كل جهة؛ فهذا لا يضر في أصل الحديث، وأقصى ما فيه أن ابن مسعود، أو أحد الرواة عنه كان يهم في اسم الجبلين، فتارة يقول: “شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء”، وتارة: “فانشق القمر نصفين، نصفاً على الصفا، ونصفاً على المروة”، وأما أصل الحديث وهو الشاهد منه، أن القمر انشق؛ فليس فيه أي اضطراب أو نسيان أو وهم.

ولو سلمنا أن هذا الاضطراب يسقط الاحتجاج بالحديث؛ فما القول إذن في حديث علي، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين؟

____________

(1) فتح الباري (7/ 223).

 

(2) أخرجه مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب: انشقاق القمر، رقم (2802).

 

(3) انظر: فتح الباري (7/ 222).


 

ثالثاً: الإشكال الفلكي:

دعواه وجوب وجود النقل القطعي على هذه الحادثة، فنقول: قد وجد فالحديث منقول في أصح الكتب، بل نص العلماء على تواتره، بل ذكره الله في كتابه، بل أجمع العلماء على وقوعه، بل حتى الكفار قد ذكروه في كتبهم ممن عاصروا الحادثة، فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية: “إنه قد ذكر غير واحد من المسافرين أنهم شاهدوا هيكلاً بالهند مكتوباً عليه أنه بني في الليلة التي انشق القمر فيها” (1).

ويؤيد هذا ما نقله السيد رشيد رضا نفسه حيث قال: “على أن الحافظ المزي نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن بعض المسافرين ذكر أنه رأى في بلاد الهند بناء قديماً مكتوباً عليه أنه بُني ليلة انشق القمر”، ثم قال رشيد رضا: “وأذكر أنني رأيت في بعض الكتب أو الصحف أن هذا رُؤي في بلاد الصين: (2).

و “في مقابلة تلفزيونية للأستاذ الدكتور زغلول  النجار سأله مقدم البرنامج عن هذه الآية؛

{ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ}

[القمر: 1]

هل فيها إعجاز قرآني علمي؟ فأجاب الدكتور زغلول قائلاً: هذه الآية لها معي قصة؛ فمنذ فترة كنت أحاضر في جامعة كارديف (Cardif) غرب بريطانيا، وكان الحضور خليطاً من المسلمين وغير المسلمين، وكان هناك حوار حي للغاية عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وفي أثناء هذا الحوار وقف شاب من المسلمين وقال: يا سيدي! هل ترى في قول الحق – تبارك وتعالى -:

{ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ}

لمحة من لمحات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟ فأجبته: لا؛ فالإعجاز العلمي يفسره العلم، أما المعجزات فلا يستطيع العلم أن يفسرها، فالمعجزة أمر خارق

____________

(1) البداية والنهاية، لابن كثير (6/ 77).

 

(2) مجلة المنار، المجلد 30، الجزء الخامس (ً 362).


 

للعادة فلا تستطيع السنن أن تفسرها، وانشقاق القمر معجزة حدثت لرسول الله ﷺ تسلم له بالنبوة والرسالة، والمعجزات الحسية شهادة صدق على من رآها، ولولا ورودها في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله ﷺ ما كان علينا – نحن مسلمي هذا العصر – أن نؤمن بها، ولكننا نؤمن بها لورودها في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله ﷺ؛ ولأن الله تعالى قادر على كل شيء، قال: ثم ذكرت لهم الروايات الثابتة في انشقاق القمر.

يقول الدكتور زغلول: وبعد أن أتممت حديثي وقف شاب مسلم بريطاني عرف بنفسه وقال: أنا داود موسى بيتكوك رئيس الحزب الإسلامي البريطاني، ثم قال: يا سيدي! هل تسمح لي بإضافة؟ قلت له: تفضل. قال: وأنا أبحث عن الأديان – قبل أن أسلم – أهداني أحد الطلاب المسلمين ترجمة لمعاني القرآن الكريم، فشكرته عليها وأخذتها إلى البيت، وحين فتحت هذه الترجمة كانت أول سورة اطلعت عليها سورة القمر وقرأت: {ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ} فقلت: هل يعقل هذا الكلام؟! هل يمكن للقمر أن ينشق ثم يلتحم؟! وأي قوة تستطيع عمل ذلك؟! يقول الرجل: فصدتني هذه الآية عن مواصلة القراءة، وانشغلت بأمور الحياة، لكن الله تعالى يعلم مدى إخلاصي في البحث عن الحقيقة، فأجلسني ربي أمام التلفاز البريطاني، وكان هناك حوار يدور بين معلق بريطاني وثلاثة من علماء الفضاء الأمريكيين، وكان هذا المذيع يعاتب هؤلاء العلماء على الإنفاق الشديد على رحلات الفضاء، في الوقت الذي تمتلئ فيه الأرض بمشكلات الجوع والفقر والمرض والتخلف، وكان يقول: لو أن هذا المال أنفق على عمران الأرض لكان أجدى وأنفع، وجلس هؤلاء العلماء الثلاثة يدافعون عن وجهة نظرهم،

ويقولون: إن هذه التقنية تطبق في نواح كثيرة في الحياة، حيث إنها تطبق في الطب الشرعي والزراعة، فهذا المال ليس مالاً مهدراً، لكنه أعاننا على تطوير تقنيات متقدمة للغاية. . في خلال هذا الحوار جاء ذكر رحلة إنزال رجل على سطح القمر باعتبار أنها أكثر رحلات الفضاء كلفة؛ لقد تكلفت أكثر من مائة ألف مليون دولار، فصرخ فيهم المذيع البريطاني وقال: أي سفه هذا؟! مائة ألف مليون دولار لكي تضعوا العلم الأمريكي على سطح القمر؟ فقالوا: لا، لم يكن الهدف وضع العلم الأمريكي فوق سطح القمر، كنا ندرس التركيب الداخلي للقمر فوجدنا حقيقة لو أنفقنا أضعاف هذا المال لإقناع الناس بها ما صدقنا أحد، فقال لهم: ما هذه الحقيقة؟ قالوا: هذا القمر انشق في يوم من الأيام ثم التحم. قال لهم: كيف عرفتم ذلك؟ قالوا: وجدنا حزماً من الصخور المتحولة يقطع القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه، فاستشرنا علماء الأرض وعلماء الجيولوجيا، فقالوا: لا يمكن أن يكون هذا قد حدث إلا إذا كان هذا القمر قد انشق ثم التحم!! يقول الرجل المسلم “رئيس الحزب الإسلامي البريطاني”: فقفزت من الكرسي الذي أجلس عليه وقلت: معجزة تحدث لمحمد ﷺ قبل ألف وأربعمائة سنة يسخر الله تعالى الأمريكان لإنفاق أكثر من مائة ألف مليون دولار لإثباتها للمسلمين؟! لا بد أن يكون هذا الدين حقاً، يقول: فعدت إلى المصحف، وتلوت سورة القمر، وكانت مدخلاً لقبول الإسلام ديناً” (1).

____________

(1) جريدة الوطن الكويتية، العدد (9747)، السبت 29/ 3 /2003م مقال للشيخ حامد العلي بعنوان: روعة انتصار الإسلام.


 

ولو سلمنا أنه لم يوجد النقل عند غير المسلمين؛ فإنه قد يكون بسبب اختلاف مطالع القمر، ولأنه لم يستمر لمدة طويلة، بل للحظات ثم رجع، فلم يره إلا من استعد له ورصده، وغير ذلك من العلل التي ذكرها ابن حجر في الفتح (1).

يقول المباركفوري شارح الترمذي رحمه الله: “اعلم أن أحاديث الباب صحيحة صريحة من ثبوت معجزة انشقاق القمر، قال ابن عبد البر: قد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين ثم نقله عنهم الجم الغفير إلى أن انتهى إلينا، ويؤيد ذلك بالآية الكريمة فلم يبق لاستبعاد من استبعد وقوعه عذر، وقد يطلع على قوم قبل طلوعه على آخرين، وأيضاً فإن زمن الانشقاق لم يطل ولم تتوفر الدواعي على الاعتناء بالنظر إليه ومع ذلك فقد بعث أهل مكة إلى آفاق مكة يسألون عن ذلك، فجاءت السفار وأخبروا بأنهم عاينوا ذلك، وذلك لأن المسافرين في الليل غالباً يكونون سائرين في ضوء القمر، ولا يخفى عليهم لك، وقال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن: أنكر بعض المبتدعة الموافقين لمخالفي الملة انشقاق القمر، ولا إنكار للعقل فيه؛ لأن القمر مخلوق لله يفعل فيه ما يشاء، كما يكوره يوم البعث ويفنيه، وأما قول بعضهم: لو وقع لجاء متواتراً واشترك أهل الأرض في معرفته، ولما اختص بها أهل مكة، فجوابه: أن ذلك وقع ليلاً وأكثر الناس نيام، والأبواب مغلقة، وقل من يرصد السماء إلا النادر، وقد يقع بالمشاهدة في العادة أن ينكشف القمر وتبدو الكواكب العظام وغير ذلك في الليل ولا يشاهدها إلا الآحاد، فكذلك الانشقاق كان آية وقعت في الليل لقوم سألوا واقترحوا فلم يتأهب غيرهم لها، ويحتمل أن يكون القمر ليلتئذ كان في بعض المنازل التي تظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض، كما يظهر الكسوف لقوم دون قوم.

____________

(1) فتح الباري (7/ 224 – 225).


 

وقال الخطابي: انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً عن جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر، وقد أنكر ذلك بعضهم، فقال: لو وقع ذلك لم يجز أن يخفى أمره على عوام الناس؛ لأنه أمر صدر عن حس ومشاهدة، فالناس فيه شركاء والدواعي متوفرة على رؤية كل غريب، ونقل ما لم يعهد فلو كان لذلك أصل لخلد في كتب أهل التسيير والتنجيم؛ إذ لا يجوز إطباقهم على تركه إغفاله مع جلالة شأنه ووضوح أمره، والجواب عن ذلك أنه هذه القصة خرجت عن بقية الأمور التي ذكروها، لأنه شيء طلبه خاص من الناس فوقع ليلاً؛ لأن القمر لا سلطان له بالنهار، ومن شأن الليل أن يكون أكثر الناس فيه نياماً ومستكنين بالأبنية، والبارز بالصحراء منهم إذا كان يقظان يحتمل أنه كان في ذلك الوقت مشغولاً فما يلهيه من سمر وغيره، ومن المستبعد أن يقصدوا إلى مراصد مركز القمر ناظرين إليه لا يغفلون عنه، فقد يجوز أنه وقع ولم يشعر به أكثر الناس، وإنما رآه من تصدى لرؤيته ممن أقترح وقوعه، ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر.

وقال الرازي في تفسيره الكبير – بعدما أثبت هذه المعجزة – ما لفظه: وأما المؤرخون تركوه؛ لأن التواريخ في أكثر الأمر يستعملها المنجم وهو لما وقع الأمر قالوا بأنه مثل خسوف القمر، وظهور شيء في الجو على شكل نصف القمر في موضع آخر فتركوا حكايته في تواريخهم. والقرآن أدل دليل، وأقوى مثبت له، وإمكانه لا يشك فيه، وقد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه، وحديث امتناع الخرق والالتئام حديث اللئام، وقد ثبت جواز الخرق والتخريب على السماوات، وذكرناه مراراً فلا نعيده” (1).

ويكفي لإثباته أن جاء في القرآن ولم ينكره كفار قريش مع حرصهم على تكذيب القرآن.

رابعاً: الإشكال الأصولي:

فالرد على هذا الإشكال بالمنع والتسليم:

أ- أما المنع؛ فنمنع أن هذه الآية جاءت بعد سؤال المشركين؛ قال ابن حجر رحمه الله: “ولم أر في شيء من طرقه أن ذلك كان عقب سؤال المشركين إلا في حديث أنس” (2)، وأنس رضي الله عنه لم يعاصر القصة بشهادة رشيد رضا، ولو سلمنا أنه كان بعد سؤال المشركين، فمنع أنه لم يأتهم العذاب، فقد أخذهم الله بالسنين حتى أكلوا الميتات، فقد ذكر ابن مسعود: أن قريشاً أخذتهم سنة حصت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم، فقال الله تعالى:

{فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍۢ مُّبِينٍۢ} [الدخان: 10]  إلى قوله: {إِنَّا كَاشِفُوا ٱلْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ}

[الدخان: 15 -16]

فالبطشة يوم بدر، وقد مضت الدخان والبطشة وإلزام وآية الروم” (3).

____________

(1) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، للمباركفوري (6/ 342- 343).

 

(2) فتح الباري (7/ 221).

 

(3) متفق عليه (البخاري: كتاب الجمعة، باب: دعاء النبي ﷺ، رقم (962)، ومسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب: الدخان، رقم (2798).


 

وعذبهم أيضاً في غزوة بدر بقتل سبعين وأسر سبعين، وهي البطشة كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

وفي غزوة الخندق بالريح الباردة التي أكفأت قدورهم، وقلعت خيامهم، وردتهم مغلوبين، مدحورين مهزومين، كما في سورة الأحزاب.

وفي فتح مكة حين هزموا وجردوا من ملكهم لمكة، وكانت خاتمة طغيانهم، ونهاية عزهم وشرفهم، فكل هذا من العذاب.

ب- أما التسليم؛ فيتضح من النقاط التالية:

1- لو سلمنا أنهم لم يعذبوا؛ فإنما كان ذلك لعلة، وهي وجود النبي ﷺ بين أظهرهم، كما قال تعالى:

{وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

[الأنفال: 33].

2- وأجاب الخطابي عن هذا بجواب آخر، فقال ما ملخصه: إن الذين سألوا هذه الآية ليسوا كل أهل مكة، بل هم أعداد قليلة (1)، فهذه الآية لم يجمع لها الناس في صعيد واحد، كما حصل مع موسى عليه السلام بل هي حادثة عابرة.

3- ومن أسباب تخلف العذاب أن النبي ﷺ هو آخر الأنبياء، وأمته هي آخر الأمم، كما قال ﷺ: “نحن الآخرون الأولون يوم القيامة” (2)، فلو أهلكها الله تعالى لما بقي أحد  يعبد الله تعالى وتذهب كثير من السنن الكونية مثل: سنة الاختلاف، وسنة المدافعة، وغيرها.

____________

(1) انظر: فتح الباري (7/ 225) بتصرف وترتيب.

 

(2) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (البخاري: كتاب الجمعة، باب: فرض الجمعة، ورقم (836)، ومسلم: كتاب الجمعة، باب: هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، رقم (855)، واللفظ لمسلم.


 

4- ومن الأسباب أيضاً أن النبي ﷺ دعا ربه أن لا يهلك أمته بسنة عامة؛ كما جاء عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ:

 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا”

(1).

5- هذه الآية تختلف عن آيات الأمم السابقة، فهي ليست آية النبي ﷺ الكبرى – كما هي الحال في نبي الله صالح عليه السلام مثلاً – بل كانت آية عارضة سأله بعض أهل مكة، فمن حرص النبي ﷺ على هداية قومه سأل الله أن يحقق له هذه الآية، فاستجاب الله تعالى لنبيه وحبيبه، ليس لأجلهم ولكن لأجل نبيه.

وذلك لأن منهج القرآن عند سؤال الكفار آية أن يراجعهم إلى أمرين؛ إما الآيات الشرعية (القرآن) أو الآيات الكونية (مخلوقات الله) (2)؛ فمن الرد إلى الآيات الشرعية قوله تعالى:

{وَقَالُوا لَوْلَآ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَٰتٌ مِّن رَّبِّهِۦ ۖ قُلْ إِنَّمَا ٱلْءَايَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ}

[العنكبوت: 50- 51].

____________

(1) أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، رقم (2889).

 

(2) انظر: آيات الله في الكون، د. عبد الله شحاته (ص3)، مكتبة نهضة مصر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2002م.


 

ومن الرد إلى الآيات الكونية قوله تعالى:

{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِۦ ۚ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَمَا مِن دَآبَّةٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا طَٰٓئِرٍۢ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلْكِتَٰبِ مِن شَىْءٍۢ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}

[الأنعام: 37- 38].

وقوله تعالى:

 

{وَكَأَيِّن مِّنْ ءَايَةٍۢ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}

[يوسف: 105]

 

وقال تعالى:

 

{أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِى مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْءٍۢ وَأَنْ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ۖ فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُۥ يُؤْمِنُونَ}

[الأعراف: 185]

 

وأغلب آيات سورة الأنعام من هذا الباب؛ كقوله سبحانه وتعالى:

{۞ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَىِّ ۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ فَالِقُ ٱلْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ سَكَنًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِى ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلَْايَٰتِ لِقَوْمٍۢ يَعْلَمُونَ وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍۢ وَٰحِدَةٍۢ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلْأَيَٰتِ لِقَوْمٍۢ يَفْقَهُونَ}

[الأنعام: 95- 98]

وتستمر الآيات في هذا النحو إلى أن قال سبحانه وتعالى:

{وَأَقْسَمُوا بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ۚ  قُلْ إِنَّمَا ٱلْآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ ۖ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}

[الأنعام: 109]

ثم قال بعد ذلك:

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍۢ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوٓا إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}

[سورة الأنعام: 111]

وذلك أن من لم يؤمن بسبب هذين الأمرين – الآيات الشرعية والآيات الكونية – فلن يؤمن أبداً، فهذه معنى قوله تعالى:

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍۢ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوٓا إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}[سورة الأنعام: 111]

 

وقال سبحانه وتعالى مؤكداً على هذه الحقيقة:

{وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِن يَرَوْا كُلَّ ءَايَةٍۢ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ}

(1) [الأنعام: 25]

فهو يستمع للقرآن – وهي الآيات الشرعية – ويرى كل آية – وهي الآيات الكونية – ومع هذا يقول أساطير الأولين.

ويقول تعالى:

{إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا ٱلْعَذَابَ ٱلْأَلِيمَ}

[يونس: 96- 97]

وبقول تعالى:

{سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ ءَايَةٍۢ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ ٱلْغَىِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَٰفِلِينَ}

[الأعراف: 146]،

يعني: سبب ذلك أنهم كانوا يكذبون بآيات الله الكونية والشرعية، فالله سبحانه وتعالى يعلم أن هذه الآية – انشقاق القمر – لن تؤثر فيهم، ولكن استجابة لنبيه حتى يرى بعينه هذه الحقيقة، فينتقل

____________

(1)  يعني: وأنت تتلو القرآن. انظر: تفسير الجلالين (ص 165)، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الرابعة، 1991م


 

من علم اليقين إلى حق اليقين، لذلك لم يسأل النبي ﷺ ربه آية أخرى (1).

6- هذه الآية لم تكن مشروطة بالعذاب، كما حصل من عيسى عليه السلام عندما سأل به أن ينزل على قومه مائدة من السماء، فقال الله تعالى:

{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّىٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابًا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدًا مِّنَ ٱلْعَٰلَمِينَ}

[المائدة: 115].

وعلى هذا تكون أمة نبينا محمد ﷺ مستثناة من هذا الحكم.

خامساً: نزيد على ذلك أنه قد تم إجماع العلماء على وقعه:

قال ابن كثير في تفسيره: “وهذا أمر متفق عليه بين العلماء؛ أي: انشقاق القمر، قد وقع في زمان النبي ﷺ، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات” (2).

وقال في البداية والنهاية: “وقد اتفق العلماء مع بقية الأئمة على أن انشقاق القمر كان في عهد الرسول ﷺ، وقد وردت الأحاديث بذلك من طرق تفيد القطع عند الأمة” (3). ثم ساق الأحاديث الواردة في ذلك، وقرر بعدها “فهذه طرق عن هؤلاء الجماعة من الصحابة، وشهرة هذا الأمر تغني عن إسناده مع وروده في الكتاب العزيز” (4).

وفي نظم السيرة لأبي الفضل العراقي.

فصار فرقتين فرقة علت             وفرقة للطود منه نزلت

 

____________

(1) انظر: الإعجاز العلمي في القرآن، لسيد الجميلي (ص 10)، دار مكتبة الهلال، بيروت، الطبعة الثانية، 1992، وآيات الله في الكون، د. عبد الله شحاته (ص 7- 14).

 

(2) تفسير القرآن العظيم (4/ 261).

 

(3) البداية والنهاية (6/ 74).

 

(4) المرجع السابق (6/ 77).


 

وذاك مرتين (1) بالإجماع        والنص والتواتر السماعي (2)

“وقال الحافظ ابن حجر: أجمع المفسرون وأهل السير على وقوعه” (3).

وأما قول رشيد رضا – فيما نقلناه عنه تحت عنوان الإشكال الأصولي الأعظم -: “فليس له أن يجعلها من عقائد المسلمين”؛ فهذا كلام غريب؛ إذ كيف لا تكون من عقائد المسلمين، وقد نص الله تعالى عليها في كتابه، وتواترت سنة النبي ﷺ في ذكرها وتتابع علماء المسلمين على جعلها من عقائد المسلمين، وذكرها في دلائل النبوة، كما فعل البيهقي وأبو نعيم، وكل من تكلم عن دلائل النبوة ذكر فيها هذه الآية (4)؟

ثم لو سلم لرشيد رضا كل ما تقدم، وأن هذه المعجزات غير ثابتة، فماذا يقول في قوله تعالى:

{سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَا ٱلَّذِى بَٰرَكْنَا حَوْلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنْ ءَايَٰتِنَآ}

[الإسراء: 1]

هل ينكر أيضاً حادثة الإسراء والمعراج؟ وهل ينكر حادثة الفيل؟ وكلها ثابتة في القرآن.

ونحن نسأل من أنكر معجزات النبي ﷺ: هل هو ينكر مبدأ المعجزات،ويرى أنه لا يوجد شيء اسمه خرق عادة، أم أنه ينكر آحاد هذه المعجزات التي حصلت للنبي ﷺ؟

____________

(1) قال تلميذه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/ 225) ما ملخصه: وأظن قوله بالإجماع يتعلق بانشاق لا بمرتين، فإني لا أعلم من جزم من علماء الحديث بتعدد الانشقاق في زمنه ﷺ، وفي المواهب لعل قائل مرتين أراد به فرقتين، وهذا الذي لا يتجه غيره جميعاً بين الروايات.

 

(2) نظم المتناثر للكتاني (ص 223).

 

(3) المرجع السابق.

 

(4) وقد تقدم الإحالة إلى هذه الكتب في أول المبحث.


 

إن كان ينكر آحاد هذه المعجزات مع إيمانه بمبدأ المعجزات – كما هي الحال عند معظم المستشرقين والمعاصرين – قلنا له: بما أنك تؤمن بإمكان وقوع المعجزات فليس لك حق أن تتخير منها ما تشاء فتقبله وترد منها ما تشاء، بل الذي يخرق العادة هو الله تعالى، والله يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه، فإذا ثبت النقل فهذا كاف في إثبات صحتها، وكون العقل لا يقبلها هذا أمر لا بد منه؛ إذ إن صفة المعجزة أنها تحير العقول وتخرف العادات.

وأما إن كان يرفض مبدأ المعجزة بالكلية؛ قلنا له: إنك بهذا الرفض قد أنكرت نبوة جميع الرسل والنبيين؛ إذ إن الرسل والأنبياء إنما يدللون على صحة قولهم بخرق العادة لهم، التي لا يخرقها الله تعالى إلا لصادق، وبهذا تسلم لهم الجموع وتنقاد، فإنكار المعجزات كلها كفر بالأنبياء، وتكذيب لله تعالى، وإلحاد في جميع الأديان.

وبهذا لا يبقى للمنكر أي حجة في إنكار وقوع هذه الحادثة. أرأيت كيف فتح بعض المعاصرين الباب للطاعنين؟! عفا الله عنهم وغفر لهم.

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة