القائمة الرئيسية

خصوصية تحرير الكتابة عليه

قالوا: واختص ﷺ بتحريم الكتابة عليه.

ثم قالوا: إنما يكون التحريم على من يحسنها وهو لا يحسنها.

قال الإمام النووي: المراد تحريم التوصل إليها (5).

______________________

 

5. روضة الطالبين 7/ 5.


والحقيقة أن هذه المسألة لا علاقة لها بالخصائص، وقد كان معظم الناس عندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحسنون الكتابة، والذين يقرؤون قلة قليلة فأين الخصوصية.

ثم لنرجع إلى الآيات الكريمة المتعلقة بالموضوع.

قال تعالى:

 

{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ ۚ فَٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يُؤْمِنُونَ بِهِۦ ۖ وَمِنْ هَٰٓؤُلَآءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِۦ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلْكَٰفِرُونَ وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِۦ مِن كِتَٰبٍۢ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّٱرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ}

(1).

 

فالآية الكريمة إنما تصف الواقع القائم وهو أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يحسن القراءة والكتابة.

قال ابن كثير:

 

{فَٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يُؤْمِنُونَ بِهِۦ ۖ }

 

كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وأشباههما

 

{وَمِنْ هَٰٓؤُلَآءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِۦ ۚ }

 

يعني العرب من قريش وغيرهم.

 

{وَمَا كُنتَ تَتْلُوا}

أي قد لبثت في قومك يا محمد من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمراً لا تقرأ كتاباً ولا تحسن الكتابة، بل كل أحد من قومك وغيرهم يعرف أنك رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب. وهكذا صفته في الكتب المتقدمة. كما قال تعالى:

______________________

 

1. سورة العنكبوت، الآيتان (47 – 48)


 

 

{ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلْأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُۥ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَٰهُمْ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلْأَغْلَٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ ۙ أُولَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ}

(1).

 

 وهكذا كان رسول الله ﷺ دائماً إلى يوم القيامة لا يحسن الكتابة، ولا يخط سطراً ولا حرفاً بيده، بل كان له كتاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم. ا هـ ابن كثير.

 فالآية الكريمة تبين وصف الرسول ﷺ في واقع الحال، وهو عدم معرفته القراءة والكتابة، وأهل مكة يعرفون ذلك تماماً.

 ثم إن هذا الوصف هو الموافق لما جاء في صفة النبي ﷺ في الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل، ولذلك سارع علماؤهم كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي إلى الإيمان به.

 فقد جاءت آية سورة الأعراف بالأوصاف المذكورة للرسول ﷺ في التوراة والإنجيل، ومنها: (النبي الأمي) أي الذي لا يحسن القراءة والكتابة.

وخلاصة القول: فإن أمر عدم معرفته الكتابة ﷺ ليس من بحث الخصائص كما هو واضح.

وهذه الصفة هي من تقدير الله لبيان الإعجاز في هذا القرآن وأنه من عند الله تعالى، لم تشبه شائبة، ذلك أن النبي الذي أنزل عليه هذا القرآن لا يعرف القراءة ولا الكتابة.

______________________

 

1. سورة الأعراف، الآية (157).

مواضيع ذات صلة