وقالوا في الشعر ما قالوا في الكتابة.
قالوا: اختص ﷺ بأنه يحرم عليه الشعر.
ومن المتفق عليه: أنه ﷺ كان لا يحسن نظم الشعر.
ولذا قالوا: المراد: تحريم التوصل إليه (1).
وكما هو الشأن في الكتابة، فالواقع أنه ﷺ ما كان بحسن الشعر، ومعظم الناس لا يحسنون الشعر، فليست المسألة من باب الخصوصيات.
قال تعالى:
{وَمَا عَلَّمْنَٰهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنۢبَغِى لَهُۥٓ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ}
(2).
وهكذا فالآية الكريمة تسجل الواقع القائم.
قال ابن كثير:
{وَمَا يَنۢبَغِى لَهُۥٓ ۚ }
أي ما هو في طبعه، فلا يحسنه، ولا يحبه، ولا تقتضيه جبلته، ولهذا ورد أنه ﷺ كان لا يحفظ بيتاً على وزن منتظم.
وقال: روى ابن أبي حاتم عن الحسن البصري قال: إن رسول الله ﷺ كان يتمثل بهذا البيت:
كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا
فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله.
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
______________________
1. روضة الطالبين 7/ 5.
2. سورة يس، الآية (69).
قال أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما: أشهد أنك رسول الله يقول الله تعالى:
{وَمَا عَلَّمْنَٰهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنۢبَغِى لَهُۥٓ ۚ }.
وهكذا روى البيهقي في الدلائل: أن رسول الله ﷺ قال للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه: أنت القائل:
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة
فقال: إنما هو بين عيينة والأقرع.
فقال ﷺ (الكل سواء) يعني في المعنى.
إن الشعر بما يشتمل عليه من خيالات وأكاذيب وأباطيل يتنافى مع النبوة، وقد قال تعالى عن الشعراء:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِى كُلِّ وَادٍۢ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}
(1).
______________________
1. سورة الشعراء، الآيتان (225- 226).