قال الشيخ عز الدين بن عبدالسلام: ومن خصائصه: أن الله تعالى نزل أمته منزلة العدول من الحكام، ليشهدون على الناس بأن رسلهم بلغتهم. وهذه الخصيصة لم تثبت لأحد من الأنبياء (1).
قال الله تعالى:
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ }
(2).
وقال تعالى:
{هُوَ ٱجْتَبَىٰكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍۢ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَٰهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ ۚ }
(3).
ومعنى “وسطا”: أي عدولاً خياراً مشهوداً بعدالتكم عند جميع الأمم.
أخرج البخاري وغيره من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ فَيَقُولُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ فَيَقُولُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ)
(4).
______________________
1. الخصائص الكبرى 2/ 395.
2. سورة البقرة، الآية (143).
3. سورة الحج، الآية (78).
4. أخرجه البخاري برقم (3339) وكذا الترمذي والنسائي.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(يَجِيءُ النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ بَلَّغَكُمْ هَذَا فَيَقُولُونَ لَا فَيُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَيُدْعَى مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ بَلَّغَ هَذَا قَوْمَهُ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُقَالُ وَمَا عِلْمُكُمْ فَيَقُولُونَ جَاءَنَا نَبِيُّنَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا فَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} قَالَ يَقُولُ عَدْلًا {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}
(1).
قال ابن الملقن: ومستندهم في الشهادة وإن لم يروا ذلك: إخبار الله تعالى لهم به في قوله تعالى:
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ٱلْمُرْسَلِينَ}
(2).
{كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ}
(3)
{فَكَذَّبُوا رُسُلِى ۖ }
(4)
ونحوها من الآيات (5).
______________________
1. أخرجه أحمد 3/ 58، وانظر فتح الباري 8/ 172.
2. سورة الشعراء، الآية (105).
3. سورة الشعراء، الآية (123).
4. سورة سبأ، الآية (45).
5. غاية السول ص 261.