وبعد. .
فهؤلاء عن زوجات الرسول الكريم ﷺ ورضي عنهن.
زوجاته اللاتي اختارهن الله له وجعلهن أهلاً لهذه الخصوصية.
وهي اللاتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة.
وهن اللاتي قال الله تعالى في حقهن:
{يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍۢ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ۚ }
[الأحزاب: 32]
وهن من آل البيت اللواتي قال الله في حقهن:
{إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}
[الأحزاب: 33].
وهن أمهات المؤمنين.
هذا بعض ما جاء في حقهن رضي الله عنهن وهو يعطي بعض التصور عن المكانة والشرف والتقدير الذي أراد الله لهن أن يتبوأنه.
وإذا كان الأمر كذلك، فمن واجب المسلم أن يضعهن في المكانة التي رفعهن الله إليها.
فيكن لهن كل تقدير وتوقير واحترام، ويحفظ حقهن في الحرمة والإعظام.
قال القرطبي: “شرف الله تعالى أزواج نبيه ﷺ بأن جعلهن أمهات المؤمنين، أي في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال، وحرمة النكاح على الرجال، وحجبهن رضي الله تعالى عنهن، بخلاف الأمهات”.
وقال ابن كثير في قوله تعالى:
{وَأَزْوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمْ ۗ}
[الأحزاب: 6]
أي: في الحرمة والاحترام والتوقير والإعظام.
ومما يزيد الأمر وضوحاً قوله تعالى:
{ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمْ ۗ}
[الأحزاب: 6]
حيث بين عظيك رعاية الرسول ﷺ بالمؤمنين، حتى بلغت أن يكون حرصه على ما ينفعهم أكثر من حرصهم على مصالح أنفسهم. . وجاء في المقابل قوله:
{وَأَزْوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمْ ۗ}
وذلك يوجي بما تعنيه الأمومة من العطف. . ومن الأبناء من التوقير والاحترام، فكأن الامومة هنا في مقابل “الأبوة” وقد ورد ذلك في إحدى القراءات “وهو أب للمؤمنين”.
قال ابن كثير: وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس رضي الله عنهم أنهما قرأ:
{ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمْ ۗ }
وهو أب لهم وروي نحو هذا عن معاوية ومجاهج وعكرمة والحسن. أ هـ.
وعلى هذا فيكون مقام النبي ﷺ بما له من تقدير وتوقير وحب، وفي مقام الأبوة، ويكون في الطرف المقابل مقام أزواجه في مقام الأمهات وهو ما نصت عليه الآية الكريمة. . ويكون لهن بالتالي من الحب والتوقير ما يتناسب مع هذه المكانة.
وإذا كان هذا واجب التوقير والاحترام لأمهات المؤمنين، فإن التطاول عليهن أو النيل منهن أو من بعضهن أمر خطير قد يؤدي بصاحبه إلى الخذلان والعياذ بالله.
فقد قال تعالى:
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}
[الأحزاب: 57].
والنيل من زوجاته ﷺ إيذاء له يستحق صاحبه ما جاء في هذه الآية الكريمة.
وأما من قذف عائشة رضي الله تعالى عنها بما برأها الله منه، فقد كفر لأنه كذب ما جاء في القرآن الكريم.
فعلى المسلم أن يعرف لأمهات المؤمنين حقهن من التوقير والاحترام والتقدير رضي الله عنهن جميعاً.