قال ابن طولون: واختص ﷺ بأنه كان يباح له أن يزوج المرأة بمن شاء من الرجال بغير إذنها وإذن وليها.
قال: ولم يذكروا لذلك دليلاً، ويمكن أن يستدل بحديث سهل بن سعد في الواهبة نفسها (3).
______________________
1. مرشد المحتار ص 311
وخلاصة حديث سهل: أن امرأة أتت النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي.. فقال: (ما لي بالنساء حاجة) فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها فقال: (زوجتكها بما معك من القرآن) (1).
ولم ينقل أنه استأذنها أو استأذن أحداً من أوليائها.
وقيل في الجواب على ذلك: إنها لما قالت وهبت نفسي لك، فقد فوضت أمرها إليه، وقد كانت حاضرة حينما قال الرجل: زوجنيها، فلم تنكر واستمرت على الرضى، فكان هذا دليلاً على موافقتها.
على أن رواية النسائي عن أبي هريرة في هذا الموضوع تحل الإشكال:
قال ابن حجر: “ووقع في حديث أبي هريرة عند النسائي بعد قوله (لا حاجة لي) (ولكن تملكيني أمرك؟) قالت: نعم، فنظر في وجوه القوم فدعا رجلاً فقال: (إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت) قالت: ما رضيت لي فقد رضيت” (2).
وسواء أكانت الحادثة نفسها أم كانت قصة أخرى، فالملاحظ أن الرسول ﷺ طلب موافقة المرأة صراحة، وهذا متوافق مع منهجه العام في هذا الأمر من استئمار الثيب واستئذان البكر، الأمر الذي ينفي أن يكون في قصة الواهبة نفسها دليل على أصل المسألة.
وبغض النظر عن إذن الولي، فأين في المسألة أن الزواج في الحديثين: حديث سهل وحديث أبي هريرة تم بغير رضى المرأة كما تقول المسألة؟
ولا شك بأن المسألة محل البحث متخيلة لا تطبيق لها في الواقع، فأين الخصوصية إذن؟!.
______________________
1. الحديث أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وغيرهم بألفاظ متقاربة.
2. فتح الباري 9/ 207.