قال السيوطي: باب اختصاصه ﷺ بجواز القبلة وهو صائم مع قوة شهوته وذلك حرام على غيره (3).
وقد وردت في فعله ﷺ أحاديث منها:
أخرج الشيخان
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ ضَحِكَتْ.
وفي رواية لهما قالت: وكان أملككم لإربه (4).
وأخرج مسلم
عن حفصة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ
(5).
______________________
3. الخصائص الكبرى 2/ 423.
4. متفق عليه (خ 1927، 1928، م 1106).
5. أخرجه مسلم برقم (1107).
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (سَلْ هَذِهِ) – لِأُمِّ سَلَمَةَ – فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ)
(1).
وهذه الأحاديث تنفي القول بالخصوصية وبخاصة حديث عمر بن أبي سلمة. فلو كان الأمر خاصاً به ﷺ لم يقل له: (سَلْ هَذِهِ) ثم إنه لما قال له عمر: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر – وإنما يريد عمر بهذا القول خصوصية الرسولﷺ بذلك – قال له: (أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ) وهذا ينفي تماماً القول بالخصوصية.
وينفي ذلك أيضاً ما رواه مالك في الموطأ:
أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ فَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْنُوَ مِنْ أَهْلِكَ فَتُقَبِّلَهَا وَتُلَاعِبَهَا؟ قَالَ: أُقَبِّلُهَا وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ
(2).
وقال الفقهاء في هذه المسألة بالإباحة لمن يكون مالكاً لنفسه دون من لا يأمن الوقوع فيها على تفصيل في ذلك. ولم يقل أحد منهم بالخصوصية (3).
______________________
1. أخرجه مسلم برقم (1108).
2. المواهب اللدنية 2/ 614.
3. فتح الباري 4/ 152.