القائمة الرئيسية

جوامع الكلم

ومن خصائصه ﷺ أنه بعث بجوامع الكلم.

أخرج الشيخان من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:

(بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا

(1).

 ومعنى (بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ): للعلماء فيها قولان:

قال الزهري: معناه: أنه كان ﷺ يتكلم بالقول الموجز، القليل اللفظ، الكثير المعاني.

وقال غيره: المراد بها: القرآن، بقرينة قوله (بُعِثْتُ) والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني (2).

 أقول:

يرجح القول الأول أمران:

الأول: أن للحديث روايات أخرى، ففي رواية البخاري:

(أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْكَلِمِ)

(3)

 وفي رواية لمسلم:

(أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ).

 

الثاني: جاء في حديث أبي موسى الأشعري عند مسلم قال:  

بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: (ادْعُوَا النَّاسَ وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا) قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ الْبِتْعُ وَهُوَ مِنْ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَالْمِزْرُ وَهُوَ مِنْ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِهِ فَقَالَ: (أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنْ الصَّلَاةِ) .

(4) (5)

______________________


1. متفق عليه (خ 2977، م 523).


2. فتح الباري 13/ 247.


3. أخرجه البخاري برقم (6998).


4. بخواتمة: أي كأنه يختم على المعاني الكثيرة التي تضمنها اللفظ اليسير.


5. أخرجه مسلم في كتاب الأشربة برقم (71).


والواضح من الحديث أنا أبا موسى جعل (جَوَامِعَ الْكَلِمِ) وصفاً لكلام رسول الله ﷺ، فهو بيان في موضع الخلاف.

وبهذا يكون قول الزهري هو الصواب في هذه المسألة والله أعلم.

مواضيع ذات صلة