×

حلف الفضول

حلف الفضول

قبل البعثة
السنة الثانية عشر من مولده
حلف الفضول
586 ميلادي

شهد أيضًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلف الفضول في شهر ذي القعدة، وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَو دعى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ “.

وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب، وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب.

وكان سببه أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل فحبس عنه حقه، فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف عبد الدار ومخزوما وجمحا وسهما وعدي بن كعب، فأبوا أن يعينوا على العاص بن وائل وزبروه – أي انتهروه – فلما رأى الزبيدي الشر أوفى على أبي قبيس عند طلوع الشمس، وقريش في أنديتهم حول الكعبة، فنادى بأعلى صوته: يا آل فهر لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائي الدار والنفر ومحرم أشعث لم يقض عمرته * يا للرجال وبين الحجر والحجر إن الحرام لمن تمت كرامته * ولا حرام لثوب الفاجر الغدر

فقام في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال: ما لهذا مترك.

فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان فصنع لهم طعاما، وتحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام، فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدي إليه حقه ما بل بحر صوفة، وما رسى ثبير وحراء مكانهما، وعلى التأسي في المعاش.

فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.

ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سامة الزبيدي فدفعوها إليه.

وقد قيل إنما سمي هذا حلف الفضول لأنه أشبه حلفا تحالفته جرهم على مثل هذا من نصر المظلوم على ظالمه.

وكان الداعي إليه ثلاثة من أشرافهم، اسم كل واحد منهم: فضل، وهم الفضل بن فضالة، والفضل بن وادعة، والفضل بن الحارث. [السيرة النبوية لابن كثير 1/ 258 – 261].

الدروس المستفادة

    • مشاركة الرسول قومه في أحوالهم ومشاكلهم، أكسبه جرأة وشجاعة وإقداما أكثر مما كان عنده، وتمرن كذلك خلالها على القتال منذ ريعان شبابه.
    • ترتيب الله لرسوله من أحوال الحياة ما يساعده على تشكيل شخصيته، فكل ما يجري فإنما يجري بقدر الله صغيرا كان أم كبيرا، فرزق الله لعبده أحداثا معينة، وأحوالا معينة، كل هذا ليكون هو رسول الله، فانظر ماذا حولك ممن حولك، وشكل نفسك على مراد الله.
    • تعلم الإقبال على الحياة وتعود التعايش بما يملك من مقومات الحياة، دون الطمع في جاه أو منصب، إنما المهم تهذيب اخلاقك، وتطوير أفكارك.
    • ليس شرف النفس أن تنتفي شهوة الإنسان من الحياة، أو توجد الشهوة وتنتفي وسائل بلوغها، بل الشرف أن تكون قو العفاف أعظم وأكبر من نوازع الهوى.
    • الرجال الكبار لا تشبعهم كنوز الذهب والفضة إذا ظمئوا إلى الحق، ولا يريحهم أن يكونوا ملوك قومهم أو ملوك الحياة، إذا رأوا المساخر الشائنة تسير بالحياة كلها إلى منحدر تسقط فيه أقدار الناس، وتتعرى فيه الدنيا جمعاء من كل خير وبر.
    • كن دائما مع الحق، وعاد الباطل طول الخط، واستبشر بنصة الحق وغلبة الباطل، لتكن متفائلا سليم النفس.