×

إسلام حمزة

إسلام حمزة

الفترة المكية
السنة السادسة من البعثة
إسلام حمزة
616 - 617 ميلادي

مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فآذاه وشتمه، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه، والتضعيف لأمره، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومولاة لعبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة في مسكن لها تسمع ذلك، ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد -مجلس القوم- من قريش عند الكعبة، فجلس معهم. فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا -متقلدًا- قوسه، راجعا من قنص -صيد- له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعز فتى في قريش، وأشد شكيمة. فلما مر بالمولاة، وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، قالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام: وجنده هاهنا جالسا فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم.

فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته، فخرج يسعى ولم يقف على أحد، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة، ثم قال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فرد ذلك علي إن استطعت. فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا، وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه، وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله. فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه. [السيرة النبوية لابن هشام 1/291 – 292].

الدروس المستفادة

    • الأفق المتلبد بالسحب قد يتولد منه برق يضيء، فقد كان إسلام سيدنا حمزة وسيدنا عمر نصرًا عظيمًا للدعوة، بعد أن مرَّت بمحن وشدائد عديدة وقوية في مكة منذ بدايتها، وكان إسلامهما رضي الله عنهما، بمثابة الانفراجة النسبيَّة وقتها.
    • رسالة إلى كلِّ شباب الأُمَّة.. أن اصنع لنفسك قيمةً وهيبة، وعِش حياة الجديَّة، وكن رمزًا لأُمَّتِكَ ودينك، وألقِ في قلوب الناس الحبَّ لهذا الدين، والاحترام له، والتقدير لأهله، فهذه رسالةٌ في يديك عليك أن تُقَدِّمها، فلا تنتظرنَّ أن يأتي المشيب حتى تُحقِّق هذا المطلب، فقد حقَّق عمر أضعافه وهو في مقتبل العمر، زكان عمره ثلاثة وثلاثين عاما، ووقف في وجوه أشياخ قريش وكبرائهم، ولنا في هؤلاء سُنَّة حسنة.
    • لا تتراجع، لا تخف، لا تهتز، فقمة العنف والطغيان عند أي طاغية قد تنهزم داخليا وتتحطم وتنهار أمام ثبات أهلها ما داموا على الحق، وإن كانوا قلة.