×

قدوم بني عامر

قدوم بني عامر

الفترة المدنية
السنة التاسعة من الهجرة
قدوم بني عامر
630 - 631 ميلادي

(بعض رجال الوفد) :

وقدم على رسول الله ﷺ وفد بني عامر، فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم.

(تدبير عامر للغدر بالرسول) :

فقدم عامر بن الطفيل عدو الله، على رسول الله ﷺ، وهو يريد الغدر به، وقد قال له قومه: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم. قال:

والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش! ثم قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل، فإني سأشغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف، فلما قدموا على رسول الله ﷺ، قال عامر بن الطفيل: يا محمد، خالني، قال: لا والله حتى تؤمن بالله وحده. قال: يا محمد خالني. وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يحير شيئا، قال: فلما رأى عامر ما يصنع أربد، قال: يا محمد خالني قال: لا، حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له. فلما أبى عليه رسول الله ﷺ قال: أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا، فلما ولى قال رسول الله ﷺ: اللهم اكفني عامر بن الطفيل. فلما خرجوا من عند رسول الله ﷺ، قال عامر لأربد: ويلك يا أربد أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك. وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا. قال: لا أبا لك! لا تعجل علي، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل، حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟

(موت عامر بدعاء الرسول عليه) :

وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول، فجعل يقول: يا بني عامر، أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني سلول! قال ابن هشام: ويقال أغدة كغدة الإبل، وموتا في بيت سلولية.

(موت أربد بصاعقة وما نزل فيه وفي عامر) :

قال ابن إسحاق: ثم خرج أصحابه حين واروه، حين قدموا أرض بني عامر شاتين، فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ قال: لا شيء والله، لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن، فأرميه بالنبل حتى أقتله، فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه، فأرسل الله تعالى عليه وعلى جمله صاعقة، فأحرقتهما. وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة لأمه.
قال ابن هشام: وذكر زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، قال: وأنزل الله عز وجل في عامر وأربد: الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد 13: 8 … إلى قوله وما لهم من دونه من وال 13: 11 قال: المعقبات: هي من أمر الله يحفظون محمدا. ثم ذكر أربد وما قتله الله به، فقال: ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء 13: 13 إلى قوله: شديد المحال 13: 13. [السيرة النبوية لابن هشام 2/567 – 573]

الدروس المستفادة

  • حِفْظ الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: حيث منع عامر بن الطُّفَيْل وأَرْبَد بْن قَيْس من المَساس بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:
 
{وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}
(المائدة: 67)
 
  • انتقام الله عز وجل من الكافرين المعاندين والظالمين ولو طالت حياتهم، فإن الله يمهلهم لعلهم إليه يرجعون، فإذا تمادوا في ظلمهم وكفرهم، أخذهم الله أخذ عزيزٍ مقتدر. 
 
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}
[إبراهيم:42]
    هذا وعيد شديد للظالمين، وتعزية تسلية للمظلومين، حيث أمهلهم وأدَرَّ عليهم الأرزاق، وتركهم يتقلبون في البلاد آمنين مطمئنين، فليس في هذا ما يدل على حُسن حالهم، فإن الله يُمْلي للظالم ويُمْهِله ليزداد إثما، حتى إذا أخذه لم يُفْلِته".