دأب كثير من الناس في الوقت الحاضر على التنقص من قدر كاتب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الصحابي الجليل “معاوية بن أبي سفيان” أمير المؤمنين، ونسوا ثناء الرسول – صلى الله عليه وسلم – على أصحابه كلهم، وبيان أنهم عدول، لا فرق بينهم في المحبة والإنصاف، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً، ما بلغ مد أَحَدِهم ولا نصيفه” واستغل هؤلاء الطعان في صحب رسول الله وعلى رأسهم معاوية وعمرو بن العاص – رضي الله عنهما – وما جرى بين الصحابة رضوان الله تعالى عنهم جميعاً من قتال في معركتي الجمل وصفين، استغلت من قبل ضعفاء النفوس من الروافض والخوارج والزنادقة، وغيرهم من أجل النيل من بيضة الإسلام.
يقول الدكتور شعوط:
(استغل هذا الخلاف أصحاب الهوى، والحريصون على تفريق جماعة المسلمين للأبد.. حيث وجدوا لذلك فرصة سانحة، ومجال الدسِّ سريعاً، وخاصة إنَّ العهد قد بعُدَ بين المسلمين، وبين هذه الحوادث، وصار وجه الحقيقة مشوَّهاً غير واضح. فإذا أضاف المغرضون شهواتهم ووضعوها في مجريات الحوادث، وجدت رواجاً عند الذين تهيـأت نفوسهم لذلك. ولذلك اخترعوا الأحداث والوقائع، وصاغوا الخـلاف بأسلوبهم ولغتهم التي لم يكن يعرفها أحد من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام).
قال القرطبي:
(إن حكمة الله تعالى في حرب الصَّحابة، التعريف منهم لأحكام قتال أهل التأويل، إذ كان أحكام قتال أهل الشرك قد عرفت على لسان الرسول – صلى الله عليه وسلم – وفعله).
إنَّ النيل من الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، نيل من صاحب الرسالة محمد – صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خير من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمن معاوية).
وعقيدة أهـل الحديث في قتال الصحـابة رضوان الله تعالى عنهم: الكف عن الوقيعة فيهم، وتأويل القبيح عليهم، ويكلونهم فيما جرى بينهم على التأويل إلى الله عز وجل
فهذا البحث:
فيه ردود علمية موثقة بالروايات التي دونت من قبل الطائفة الثالثة والرابعة – أي طائفة أهل الإنصاف والمحققين – على كل من قال في هذا الصحابي الجليل بالتقصير، لتكون هذه الردود شعاعاً نيراً ينير الطريق لمن أعمى الحقد بصيرتهم لعلهم أن ينتبهوا ويعودوا إلى رشدهم ويتوبوا من غفلتهم إن كانوا غافلين.
فتناولت فيه ذكر المزاعم التي قيلت ضده واحدة واحدة، ثم الرد عليها بأسلوب علمي خالٍ من التعصب والانحياز، وعدد تلك المزاعم ثلاثة عشر، وقد أوغلت في كتب المؤرخين القديمين منهم والمتأخرين، وكذلك في كتب المحدثين جميعها، ولاسيما في الصحيحين، فالتقطت منها درراً تبرئ ساحة هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه.
السيرة والتاريخ والتراجم, متنوعة
88