تقاس مكانة الأمم بمقدار ما أسهمت في التقدم والحضارة وقد كان للعرب الذين اعتنقوا الإسلام مظاهر حضارية ولكنها أصبحت أشمل وأعمق في ظل الإسلام الذي امتدت فتوحاته من الهند شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا.
وقد كان للبلاد المفتوحة حضارة علمية وفنية فجاء الإسلام واستلهمها في فنونه مع غلبة الروح الإسلامية وقد تركت لنا الدول الإسلامية المتعاقبة حضارة مادية وآثار باقية تدل على دلالة قاطعة على عظمة هذه الدول بعظمة الإسلام الذي جمع بينها.
وإذا كان علماء تاريخ الحضارة يعتمدون في معرفتهم لأحوال وعادات الأمم وما بلغته من تقدم ورقي، وما كان أهلها عليه في حياتهم ومعيشتهم اليومية، ومهاراتهم الصناعية والفنية يعتمدون في ذلك كله على ما تركته الأمم من تحف منقولة وثابتة، فإن الحضارة الإسلامية تملك من هذا التراث المعماري والفني ما يعد حقائق ثابتة تعتبر سجلا حافلا لما كانت عليه حياة الأمة الإسلامية من تقدم وازدهار.
فقد خلف لنا العرب المسلمون عمائر مختلفة دينية ومدنية وعسكرية واجتماعية، إضافة إلى العديد من آثار الفنون التي أتقنها المسلمون وبلغوا بها درجة الرقي والكمال أيام كانت أوروبا تعيش في ظلمات العصور الوسطى، مثل فنون النحت والتصوير وصناعات المعادن والنسيج والخشب والزجاج…. إلخ
وقد تم ذلك للعرب بتأثير من العقيدة الإسلامية التي جمعت بين معتنقيها وحرصت على إسعادهم في الدنيا والآخرة.
والأوراق التالية تحاول جاهدة إلقاء الضوء على الآثار المعمارية التي خلفها العرب والمسلمون في فجاج الأرض.وقد جاءت هذه المحاولة في عدة فصول هي : فصل العمارة الدينية وفيه حديث عن أهم العمائر الدينية وعلى رأسها المسجد ثم المدارس والأربطة والخانقاوات… إلخ.
الفصل الثاني : ويتناول الحديث عن العمائر العسكرية مثل الحصون والقلاع وأسوار المدن وأبوبها ثم يليه الفصل الثالث ويتحدث عن العمائر المدنية مثل تخطيط المدن، وما تشمله من قصور، وبيوت وبيمارستانات وقناطر للمياه…. إلخ.
مع مراعاة التسلسل الزمني قدر الاستطاعة.ثم تأتي بعد ذلك الخاتمة، وقد كان للعديد من الكتب التي ألفت عن العمائر والفنون الإسلامية أثر كبير في إثراء جوانب هذا البحث ونذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر منها كتب، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزية، ومدخل إلى العمارة والفنون الإسلامية لحسن الباشا، موسوعة العمارة الإسلامية لعبد الرحيم غالب، والعمارة في صدر الإسلام لكمال الدين سامح، الموسوعة العربية الميسرة لمحمد شفيق غربال، العمارة العربية في مصر الإسلامية -الجزء الأول- لفريد شافعي وغير ذلك مما كان له أثر كبير في كتابة تلك الفصول.
وغير ذلك من الكتب التي أفاد منها البحث. والله أرجو أن تكون هذه الأوراق تلقي ضوءا ولو قليلا على ما خلفه العرب والمسلمون من آثار تشهد لهم بالحضارة والرقي. والله المستعان.
السيرة والتاريخ والتراجم, متنوعة
120