×

من حكمة الأمر بالصبر

ولا شك أن الصحابة تعلموا الصبر دروساً عملية. تعلموا كيف يضبطون أعصابهم ويحكمون عقلهم بتصرفاتهم طوال مدة عشر سنوات ولا شك أن حكماً جليلة كانت وراء ذلك:

  • الانضباط: إنهم اليوم يحملون عقيدة لها منهجها ونظامها، لها أوامرها ونواهيها، والطريق ما تزال في البداية، فما ينبغي أن تكون حياتهم اليوم استمراراً للماضي التي كانت تحكمه في تصرفاتهم ردود الفعل الآنية، وما تاريخ العرب الجاهلي إلا الدليل الواضح على ذلك (1).

إن الإسلام جاء ليغير المجتمع تغييراً جذرياً يبدأ من خلال النفس حيث يتغير الإنسان الجاهلي ليصبح الإنسان المؤمن الذي تنبع تصرفاته من خلال إيمانه؛ فإذا العقل المستنير الواعي وإذا العاطفة الجياشة بكل معاني الخير والحب.

  • تعلم تحمل البلاء، وهذه أيضاً لا يكون تعلمها بدروس تلقي ومواعظ تنثر، وإنما من خلال التعامل مع المجتمع، ولقد كان لهذا الجانب الآثار الجمة في الحياة الإسلامية.

– برزت بطولات من نوع جديد لم يعرفه الناس. فهذه سمية أو عمار تحطم كبرياء أبي جهل وهي تحت عمليات التعذيب فإذا هي – وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة – أكبر من أبي جهل وأكبر من كل الضغط الاجتماعي المتخلف الذي كان يمثله أبو جهل.

 – وكان لهذه البطولات في تحمل البلاء الأثر النفسي الكبير على الناس، وحتى أولئك الذين كانوا يقومون بها. إنه أمر يلفت النظر ويدعو إلى التأمل. . هذا الحب من أتباع الدعوة الجديدة لدعوتهم. . مما يثير حب الاستطلاع والتعرف عليها فيكون ذلك كسباً جديداً للدعوة.

في سبيل الله: ثم لم يعد تحمل البلاء والصبر عليه بغية شهرة يطلبها الإنسان أو مادة يسعى إليها أو متاع يرنو إليه، وإنما يتحمل في سبيل الله، وهكذا: تنتهي الأنانية، وحب الذات، ليقوم مقامها الإخلاص، والإيثار. . وخصال الخير.

_______________________

(1) إن حرب داحس والغبراء مثال من أمثلة كثيرة تبين أن الحروب الجاهلية كانت ردود فعل آنية انظر في بيانها، ابن هشام 1/ 286.

 

مواضيع ذات صلة