يعد تنوع الدول الإسلامية وتعددها على امتداد عصر الخلافة الزاهر دليلًا على اتساع وامتداد التاريخ الإسلامي على مستوى جوانبه الحضارية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ويبحث بحث الأستاذ “إبراهيم السيد شحاته عوض” في جوانب من جوانب ازدهار عصر الدولة الأخشيدية في مصر ألا وهو جانب الحياة الفكرية، “حيث وصلت الحركة العلميَّة والأدبيَّة أوج تطوُّرها وتقدُّمها في مصر في عصر تلك الدولة، باعتبارها – بعد الدولة الطولونية – الفترة التي وُضِعَ فيها أساس استقلال مصر عن الخلافة العباسيَّة، وباعتبارها دليلاً من الأدلَّة التي تُدلِّل على استمرار الحياة الفكريَّة في طريق تقدُّمها”.
وقد قسَّم الكاتب موضوع البحث إلى تمهيد، وأربعة مباحث، وخاتمة وملاحق.
وقد تناوَل التمهيد الحديث عن الدولة الإخْشيديَّة: نشأتها، مُؤسِّسها، أهم الأحداث السياسيَّة التي مرَّت بها إلى أنْ سقطت.
وخصص الكاتب المبحث الأول لـ”عوامل ازدهار الحياة الفكرية في تلك الدولة”، حيث أشار إلى انقسام الدولة العباسيَّة، وتشجيع أمراء تلك الدولة للعلم وأهله، وكذلك أشرت إلى مراكز النشاط الفكري وتعدُّده، وبيَّنت كيف أثَّر كلُّ ذلك في ازدهار الحياة الفكريَّة في مصر في عصر تلك الدولة.
ثم جعل المبحث الثاني للحديث عن “العلوم النقلية”، التي تتمثَّل في: الحديث، والتفسير، والقراءات، والفقه، والتصوف، وعلم الكلام.
وخصص الكاتب المبحث الثالث “للعلوم اللسانية العربيَّة”، التي تتمثَّل في الأدب بفرعَيْه: الشِّعر والنثر، وكذلك اللغة والنحو.
أما المبحث الرابع والأخير فتناول الحديث عن “العلوم العقلية” التي تمثَّلت في الطب والهندسة والفلك والفلسفة، بالإضافة إلى الحديث عن علم التاريخ، وأهم مُؤرِّخي تلك الفترة، وكيف أسهموا في هذا العلم.
وتضمَّنت ملاحق البحث بعضَ الرسائل النثريَّة الأدبيَّة التي كُتِبت في ذلك العصر، وكانت خيرَ دليل على تقدُّم فنِّ النثر فيه.
وفي خاتمة بحثه أجمل أهم النتائج التي خرج بها من موضوع بحثه.
يقول الكاتب في بحثه:
“عندما حكَم الإخْشيديُّون مصرَ ازداد تيَّار العلم والأدب قوَّةً وازدهارًا، وكان السبب في ذلك أنَّ الأمراء الإخْشيديين وكبار دولتهم كانوا يعطفون على العلماء والأدباء، ويسدون إليهم كثيرًا من العطايا، ويمدُّون إليهم يد العون”.