وهذه الآيات والمعجزات لا شك أنها حجة قاطعة على صدق رسالته ونبوته ﷺ؛ لأن خرق العادة ومخالفة قانون الطبيعة وتغير ناموس الحياة لا يمكن أن يفعله مخلوق، بل لا يكون إلا من خالق للعادة سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى لا يخرق العادة لكاذب من قلب النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وقلب عصى موسى إلى أفعى وإحياء الموتى لعيسى، وغير ذلك من الآيات؛ لذلك كان القوم إذا أرسل إليهم أحد،
لا يوجد قانون في الإحكام والتنظيم مثل التشريع الذي جاء به النبي ﷺ، فإن شريعته جاءت لتسد حاجة الإنسان في كل نواحي الحياة، وتبين الحكم في كل ما يحتاجه الإنسان، وتنظم حياة المسلم من ولادته إلى موته؛ تسير معه جنباً إلى جنب، ترعاه وتحضنه وتقومه وتسدده وتبصره وتهديه.
وأقصد به أخبار النبي ﷺ بحقائق علمية في عدة مجالات في وقت لم يكن أحد يعرف معناها، ولم تعرف إلا بعد ذلك، فوجه الدليل إخباره ﷺ بها قبل أن يعرف عنها أحد وظهور الأمر كما أخبر ﷺ.
لقد كان العرب قبل الإسلام قبائل متنازعة متناحرة، لا هم لها إلا المفاخرة والتعالي على بعض، تشتعل الحرب بينهم لأتفه الأسباب، وقد تستمر الحرب بينهم لعشرات السنوات لأجل ناقة - على سبيل المثال - كما حصل في حرب البسوس التي استمرت أربعين سنة بين تغلب وبكر ابني وائل؛ لأن كليب بن ربيعة التغلبي قتل ناقة البسوس خالة جساس بن مرة الكلبي
من أعظم الحوادث التاريخية التي حصلت للعرب في الجزيرة العربية حادية حماية الكعبة من جيش أبرهة الذي تقوده الفيلة، وهذه الحادثة متواترة، يذكرها كل من تكلم عن التاريخ في الجزيرة، بل حتى عندما ذكرها الله تعالى في كتابه لم ينكرها كفار مكة الذي كانوا أحرص الناس على تكذيب القرآن، وهم أعلم الناس بتاريخ مدينتهم، مما يدل على قطعية حصولها.
من أدلة صدق النبي ﷺ إخباره بالغيب سواء كان غيباً لاحقاً أو سابقاً أو حاضراً، وأخبر بما يكون بعد موته من الردة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، والفتنة في زمن علي رضي الله عنه، وأخبر بأن الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم يقتلون شهداء، وأخبر بفتح القسطنطينية والحيرة ومصر وفارس والروم.
من أدلة صدق النبي ﷺ جوابه الحاضر على الأسئلة المفاجئة التي يواجهه بها المشككون في صدقه، ولا يتأتى ذلك لشخص كاذب مهما أوتي من فطنة، بل لا يصدر إلا عن نبي مؤيد بوحي من السماء
قد ينكر بعض الناس الدليل السابق (إخباره بالغيب) زعماً أن هذا قد يحصل بإدراك المقدمات أو المفراسة أو معرفة السنن الكونية أو قراءة التاريخ أو بأخبار سرية أو بالحدس أو الاستعانة بالجن ليخبروه عما غاب عنه.
إن وصف أمور الغيب بدقة لا يكون إلا ممن رآه أو سمع من رآه، ولذلك يمكن القول: إن وصف النبي ﷺ لربه وللملائكة وللجنة والنار وصف عجيب، لا يمكن أن يأتي به بشر.
من أدلة صدق النبي ﷺ إقرار الله لدعوته، فإن الله سبحانه وتعالى أخبر أن محمداً ﷺ لو تقول على ربه شيئاً من الأقاويل لأهلكه