وتحت عامل التضخيم للكتب، ونقل كل ما يصل إلى المؤلف، تساهل بعضهم بذكر ما يعلم بطلانه.
ولقد كان للقصاص دور كبير في الوضع، لأنهم يجدون في الخبر الغريب ما يشد انتباه الناس.
أولع بعض المؤلفين بالجمع، دون النظر إلى المصدر، حتى بات مثل كتاب "الأغاني" مرجعاً تؤخذ منه الأحاديث النبوية. وإذا وصل الأمر إلى هذا المستوى فلك أن تتخيل ما شئت، إذ عند ذلك تصبح كل الكتب الأخرى مقبولة.
لما كانت المعجزات أموراً خارقة للعادة، وبالتالي فهي لا تخضع لميزان العقل، فقد وجد الوضاعون ثغرة ينقذون منها، حيث يمكن تمرير ما وضعوا دون الخضوع لرقابة العقل.
ما سبق به الحديث عن القرآن الكريم لا يعني أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له معجزات أخرى غير القرآن، بل إن حياته ﷺ كانت حافلة بالآيات، وإذا قلنا بأن معجزاته الصحيحة تفوق من حيث العدد جميع معجزات الأنبياء السابقين، لم نجاوز الحقيقة.
من حكمة الله تعالى أن أعطى كل نبي من الآيات ما يتناسب مع مجتمعه لتكون الحجة قائمة عليهم، وكانت آية القرآن متناسبة مع مهمة الرسالة الخاتمة
وأن كل نبي يعطي من المعجزات ما يعد كافياً لحصول القناعة لدى قومه بدعواه، وأن الذين لا يؤمنون، لا يرجع سبب ذلك إلى عدم قناعتهم وإنما إلى معاندتهم واستكبارهم.
قال العلماء في تعريف المعجزة: بأنها الأمر الخارق للعادة، الذي يجريه الله تعالى على يدي نبي مرسل، على سبيل التحدي، ليقيم به الدليل القاطع على صدق نبوته.
وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك من جاء بعدهم من سلف هذه الأمة، أن هذا الأدب ينجر إلى التعامل مع حديثه ﷺ.
رأينا في الفصول السابقة نماذج من الخطاب القرآني الموجه إلى الرسول ﷺ. ورأينا كيف كان في أسلوب هذا الخطاب كل التكريم له، والبيان لرفيع منزلته وعظيم قدره.