المسلمون وتحويل القبلة

إذا كان تحويل القبلة اختياراً للمسلمين في اتباعهم الرسول ﷺ فقد أثبت المسلمون نجاحاً أيما نجاح. وقد روى الإمام البخاري عن البراء أن أول صلاة صلاها الرسول ﷺ إلى الكعبة كانت صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي ﷺ قبل مكة. فداروا كما هم قبل البيت (1).

التشريع بين الهجرة وبدر

لئن كانت هذه الفترة الوجيزة من عمر الدعوة مليئة بالأحداث الداخلية التي هدفت إلى توطيد وإرساء قواعد الدولة في المدينة، من إقامة المسجد بكل ما يعنيه في الحياة الإسلامية، ومن الأخوة بين المهاجرين والأنصار، ومن كتابة العقود مع اليهود. . فقد كانت كذلك في الحياة الخارجية من استطلاع لأوضاع المنطقة وما يجري فيها، وخاصة ما يتعلق بقريش فقد كانت هي الحاملة للواء العداوة، وما تلك السرايا والغزوات إلا إجراء من إجراءات الأمن التي اتخذها في سبيل استمرار دولة الإسلام.

غزوات وسرايا

استقر رسول الله ﷺ في المدينة بعد هجرته، يحيط به المؤمنون من المهاجرين والأنصار. كما يرقبه - بحذر - المشركون من الأوس والخزرج الذين لم يفتحوا قلوبهم لهدى الله يشاركهم في ذلك اليهود ممن كان يسكن المدينة.

أعداء الإسلام والجهاد

على أننا لا نستطيع إغفال دور أعداء الإسلام في تشويه معنى الجهاد ومحاولة تغيير مفهومه ذلك لما كابدوا من كونه سداً منيعاً في وجوههم ما دامت حرارته قائمة في نفوس المسلمين ومفهومه مستقراً في عقولهم.  

الجهاد بين الإذن. . . والفرض

مر تشريع القتال بمراحل. فقد أُذن به بعد طول صبر في قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ . . .} ثم فرض عليهم القتال لمن قاتلهم في قوله تعالى: {وَقَٰتِلُوا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمْ} (2) ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة بقوله: {وَقَٰتِلُوا ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمْ كَآفَّةً ۚ } (3) وهكذا كان القتال محرماً ثم مأذوناً به ثم مأموراً به بمن بدأهم بالقتال، ثم مأموراً به لجميع المشركين (4).

منع القتال في مكة

على أن أسباب عدم الإذن بالقتال في مكة تكاد تكون واضحة: فالمجتمع في مكة يختلط فيه المسلم بالمشرك، وما تزال وشائج العصبية والقبيلة قائمة في نفوس المشركين تجاه أقربائهم من المسلمين، وفي مثل هذا الجو لو سمح بالقتال لنشأت الحروب بين القبائل، ولم يعد هناك مجال لإسماع صوت الدعوة، الأمر الذي يؤدي بها، بين ضوضاء الثأر وبين نزيف الدماء.

من حكمة الأمر بالصبر

ولا شك أن الصحابة تعلموا الصبر دروساً عملية. تعلموا كيف يضبطون أعصابهم ويحكمون عقلهم بتصرفاتهم طوال مدة عشر سنوات ولا شك أن حكماً جليلة كانت وراء ذلك: الانضباط: إنهم اليوم يحملون عقيدة لها منهجها ونظامها، لها أوامرها ونواهيها، والطريق ما تزال في البداية، فما ينبغي أن تكون حياتهم اليوم استمراراً للماضي التي كانت تحكمه في تصرفاتهم ردود الفعل الآنية، وما تاريخ العرب الجاهلي إلا الدليل الواضح على ذلك (1).

الخطبة الأولى في المدينة

سبق الحديث أن رسول الله ﷺ لما ارتحل من قباء، وذلك يوم الجمعة، أدركه وقت الزوال وهو في دار بني سالم بن عوف، فصلى بالمسلمين الجمعة هنالك، فكانت أول جمعة صلاها

الإذن بالقتال

استقر الرسول ﷺ والمؤمنون من حوله بالمدينة التي أصبحت دار الإسلام ومعقل الدعوة، وبدأت حياة البناء المادي بعد أن سبق الإعداد المعنوي. ولكن الشرك الذي طارد الرسول الكريم مئات الأميال لم يكن ليدع المؤمنين في حياة هادئة مطمئنة، وكان لا بد من وجود القوة التي تحمي الدعوة وتكف الأذى عنها.

زواجه ﷺ بعائشة

عقد رسول الله ﷺ على عائشة في مكة قبل الهجرة وهي ابنة ست سنين وبعد وفاة خديجة - وبنى بها في المدينة وهي ابنة تسع سنين وذلك في شهر شوال من السنة الأولى. وللناس هنا هرج ومرج في زواج بنت في التاسعة من عمرها من رسول الله ﷺ وهو في الرابعة والخمسين من عمره.