استقر رسول الله ﷺ في المدينة بعد هجرته، يحيط به المؤمنون من المهاجرين والأنصار. كما يرقبه - بحذر - المشركون من الأوس والخزرج الذين لم يفتحوا قلوبهم لهدى الله يشاركهم في ذلك اليهود ممن كان يسكن المدينة.
إذا كان تحويل القبلة اختياراً للمسلمين في اتباعهم الرسول ﷺ فقد أثبت المسلمون نجاحاً أيما نجاح. وقد روى الإمام البخاري عن البراء أن أول صلاة صلاها الرسول ﷺ إلى الكعبة كانت صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي ﷺ قبل مكة. فداروا كما هم قبل البيت (1).
لئن كانت هذه الفترة الوجيزة من عمر الدعوة مليئة بالأحداث الداخلية التي هدفت إلى توطيد وإرساء قواعد الدولة في المدينة، من إقامة المسجد بكل ما يعنيه في الحياة الإسلامية، ومن الأخوة بين المهاجرين والأنصار، ومن كتابة العقود مع اليهود. . فقد كانت كذلك في الحياة الخارجية من استطلاع لأوضاع المنطقة وما يجري فيها، وخاصة ما يتعلق بقريش فقد كانت هي الحاملة للواء العداوة، وما تلك السرايا والغزوات إلا إجراء من إجراءات الأمن التي اتخذها في سبيل استمرار دولة الإسلام.