لما كانت المعجزات أموراً خارقة للعادة، وبالتالي فهي لا تخضع لميزان العقل، فقد وجد الوضاعون ثغرة ينقذون منها، حيث يمكن تمرير ما وضعوا دون الخضوع لرقابة العقل.
ما سبق به الحديث عن القرآن الكريم لا يعني أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له معجزات أخرى غير القرآن، بل إن حياته ﷺ كانت حافلة بالآيات، وإذا قلنا بأن معجزاته الصحيحة تفوق من حيث العدد جميع معجزات الأنبياء السابقين، لم نجاوز الحقيقة.
من حكمة الله تعالى أن أعطى كل نبي من الآيات ما يتناسب مع مجتمعه لتكون الحجة قائمة عليهم، وكانت آية القرآن متناسبة مع مهمة الرسالة الخاتمة
وأن كل نبي يعطي من المعجزات ما يعد كافياً لحصول القناعة لدى قومه بدعواه، وأن الذين لا يؤمنون، لا يرجع سبب ذلك إلى عدم قناعتهم وإنما إلى معاندتهم واستكبارهم.
قال العلماء في تعريف المعجزة: بأنها الأمر الخارق للعادة، الذي يجريه الله تعالى على يدي نبي مرسل، على سبيل التحدي، ليقيم به الدليل القاطع على صدق نبوته.
وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك من جاء بعدهم من سلف هذه الأمة، أن هذا الأدب ينجر إلى التعامل مع حديثه ﷺ.
رأينا في الفصول السابقة نماذج من الخطاب القرآني الموجه إلى الرسول ﷺ. ورأينا كيف كان في أسلوب هذا الخطاب كل التكريم له، والبيان لرفيع منزلته وعظيم قدره.
إن ما سبق في الحديث عن تكريم الله تعالى لرسوله ﷺ إنما هو تكريم لعبد من عباد الله، اختصه الله تعالى بهذا الفضل، وهو بشر من البشر، كما تقرر ذلك واضحاً في آيات من القرآن الكريم، وقد سجلت هذه الحقيقة بعيداً عن كل لبس.
وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تنبه على مكانة النبي ﷺ وتعظيم قدره وقد وقف عندها كتاب السيرة طويلاً وأفاضوا في شرحها.
تمثل السورة من القرآن الكريم الوحدة الموضوعية في هذا الكتاب العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.