×

الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج

الفترة المكية
السنة العاشرة إلى السنة الحادية عشر من البعثة
الإسراء والمعراج
619 - 621 ميلادي

الإسراء:

أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهو بيت المقدس من إيلياء -مدينة بيت المقدس-، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش، وفي القبائل كلها.

قال ابن إسحاق: كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاوية بن أبي سفيان، والحسن بن أبي الحسن (البصري) ، وابن شهاب الزهري، وقتادة وغيرهم من أهل العلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أسري به صلى الله عليه وسلم، وكان في مسراه، وما ذكر عنه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله (عز وجل) في قدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق، وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين، فأسرى به سبحانه وتعالى كيف شاء، ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد.

فكان عبد الله بن مسعود- فيما بلغني عنه- يقول: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق- وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في منتهى طرفها- فحمل عليها، ثم خرج به صاحبه، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض، حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له، فصلى بهم. ثم أتي بثلاثة آنية، إناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، وإناء فيه ماء. (قال) .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي: إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته، وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته. قال: فأخذت إناء اللبن، فشربت منه، فقال لي جبريل عليه السلام: هديت وهديت أمتك يا محمد.

قال ابن إسحاق: وحدثت عن قتادة أنه قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما دنوت منه لأركبه شمس -لم يمكن أحد من الركوب على ظهره-، فوضع جبريل يده على معرفته – اللحم الذي ينبت عليه شعر العرف- ، ثم قال: ألا تستحي يا براق مما تصنع، فو الله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه. قال: فاستحيا حتى ارفضّ عرقا، ثم قر حتى ركبته.

عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في تلك الليلة، فقال:

أما إبراهيم، فلم أر رجلا أشبه (قط) بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه، وأما موسى فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى – الضرب من الرجال: الخفيف اللحم. والجعد: المتكسر الشعر، والأقنى: المرتفع قصبة الأنف- كأنه من رجال شنوءة -قبيلة من الأزد- ، وأما عيسى بن مريم، فرجل أحمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر، كثير خيلان – جمع خال، وهو الشامة السوداء- الوجه، كأنه خرج من ديماس -الحمام- ، تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء، أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي.

عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها، واسمها هند، في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنها كانت تقول:

ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي، نام عندي تلك الليلة في بيتي، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبنا -أيقظنا- رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى الصبح وصلينا معه، قال: يا أم هانئ، لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه، ثم قد صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين، ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فتكشف عن بطنه كأنه قبطية -ثياب من كتان تنسج بمصر منسوبة إلى القبط – مطوية، فقلت له:

يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك، قال: والله لأحدثنهموه.

قالت: فقلت لجارية لي حبشية: ويحك اتبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسمعي ما يقول للناس، وما يقولون له. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس أخبرهم، فعجبوا وقالوا: ما آية ذلك يا محمد؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط، قال: آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فندلهم بعير، فدللتهم عليه، وأنا موجه إلى الشام. ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان – جبل بناحية تهامة- مررت بعير بني فلان، فوجدت القوم نياما، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب -ينزل من عل- من البيضاء – عقبة قرب مكة تهبطك إلى فخ، وأنت مقبل من المدينة تريد مكة-، ثنية التنعيم -موضع بمكة- ، يقدمها جمل أورق – لونه بين الغبرة والسواد-، عليه غرارتان، إحداهما سوداء، والأخرى برقاء – التي فيها ألوان مختلفة- قالت: فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من – يريد أن الجمل كان أول ما لقيهم- الجمل كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء، فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه، وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه، ولم يجدوا فيه ماء. وسألوا الآخرين وهم بمكة، فقالوا: صدق والله، لقد أنفرنا في الوادي الذي ذكر، وند لنا بعير، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه، حتى أخذناه.

قال الحسن في حديثه: فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضى جبريل عليه السلام معه، حتى انتهى به إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم، ثم أتي بإناءين، في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن. قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن، فشرب منه، وترك إناء الخمر. قال: فقال له جبريل:

هديت للفطرة، وهديت أمتك يا محمد، وحرمت عليكم الخمر. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر. فقال أكثر الناس: هذا والله الإمر  -العجيب المنكر- البين، والله إن العير لتطرد، شهرا من مكة إلى الشام مدبرة، وشهرا مقبلة، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة، ويرجع إلى مكة! قال: فارتد كثير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر، فقالوا له: هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة. قال: فقال لهم أبو بكر: إنكم تكذبون عليه، فقالوا بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس، فقال أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يعجبكم من ذلك! فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه (من الله) من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال: نعم، قال:

يا نبي الله، فصفه لي، فإني قد جئته- قال الحسن: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرفع لي حتى نظرت إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا، قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله، حتى (إذا) انتهى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: وأنت يا أبا بكر الصديق، فيومئذ سماه الصديق. قال الحسن: وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن إسلامه لذلك: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ، وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ، وَنُخَوِّفُهُمْ، فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً[17: 60]. [السيرة النبوية لابن هشام 1/ 396 – 399].

المعراج:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له: إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك- قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث بهذا الحديث: وما يعلم جنود ربك إلا هو- فلما دخل بي، قال: من هذا يا جبريل؟ قال: (هذا) محمد.

قال: أوقد بعث؟ قال: نعم. قال: فدعا لي بخير: وقاله.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا، يقول خيرا ويدعو به، حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل ما قالوا، ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل: يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك (إلي) ، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم؟ قال: فقال لي جبريل: أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك، لضحك إليك، ولكنه لا يضحك، هذا مالك خازن النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت لجبريل، وهو من الله تعالى بالمكان الذي وصف لكم مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [81: 21]: ألا تأمره أن يريني النار؟ فقال:

بلى، يا مالك، أر محمدا النار. قال: فكشف عنها غطاءها، ففارت وارتفعت، حتى ظننت لتأخذن ما أرى. قال: فقلت لجبريل: يا جبريل، مره فليردها إلى مكانها. قال: فأمره، فقال لها: اخبي ، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه.

فما شبهت رجوعها إلا وقوع الظل. حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها.

قال أبو سعيد الخدري في حديثه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما دخلت السماء الدنيا، رأيت بها رجلا جالسا تعرض عليه أرواح بني آدم، فيقول لبعضها إذا عرضت عليه خيرا ويسر به، ويقول: روح طيبة خرجت من جسد طيب، ويقول لبعضها إذا عرضت عليه: أف، ويعبس بوجهه ويقول:: روح خبيثة خرجت من جسد خبيث. قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك آدم، تعرض عليه أرواح ذريته، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها. وقال: روح طيبة خرجت من جسد طيب. وإذا مرت به روح الكافر منهم أفف منها وكرهها، وساء ذلك، وقال: روح خبيثة خرجت من جسد خبيث.

(صفة أكلة أموال اليتامى) :

قال: ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر -شفته- الإبل، في أيديهم قطع من نار كالأفهار -وهو حجر على مقدار ملء الكف- ، يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم. فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما.

(صفة أكلة الربا) :

قال: ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون ، يمرون عليهم كالإبل المهيومة -العطاش- حين يعرضون على النار، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك. قال: قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا.

(صفة الزناة) :

قال: ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث -الضعيف الهزيل- المنتن، ويتركون السمين الطيب. قال: قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن.

 قال: ثم أصعدني إلى السماء الثانية، فإذا فيها ابن الخالة: عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا، قال: ثم أصعدني إلى السماء الثالثة، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك يوسف بن يعقوب. قال: ثم أصعدني إلى السماء الرابعة، فإذا فيها رجل فسألته: من هو؟ قال: هذا إدريس- قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ورفعناه مكانا عليا- قال: ثم أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية، عظيم العثنون -اللحية-، لم أر كهلا أجمل منه، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا المحبب في قومه هارون بن عمران.

قال: ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها رجل آدم -أسود- طويل أقنى – ما ارتفع أعلى أنفه واحدودب وسطه وسبغ طرفه-، كأنه من رجال شنوءة، فقلت له: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران. ثم أصعدني إلى السماء السابعة، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة. لم أر رجلا أشبه بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم. قال: ثم دخل بي الجنة، فرأيت فيها جارية لعساء -اللعس في الشفاه حمرة تضرب إلى السواد- ، فسألتها: لمن أنت؟ وقد أعجبتني حين رأيتها، فقالت: لزيد ابن حارثة، فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة. قال ابن إسحاق: ومن حديث (عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما بلغني: أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السموات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها: من هذا يا جبريل؟ فيقول: محمد، فيقولون:

أوقد بعث؟ فيقول: نعم، فيقولون: حياه الله من أخ وصاحب! حتى انتهى به إلى السماء السابعة، ثم انتهى به إلى ربه، ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأقبلت راجعا، فلما مررت بموسى (بن) عمران، ونعم الصاحب كان لكم، سألني كم فرض عليك من الصلاة؟ فقلت خمسين صلاة كل يوم، فقال: إن الصلاة ثقيلة، وإن أمتك ضعيفة، فارجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك، فرجعت فسألت ربي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى، فقال لي مثل ذلك، فرجعت فسألته فوضع عني عشرا.

ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك، كلما رجعت إليه، قال: فارجع فاسأل، حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني، إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة. ثم رجعت إلى موسى، فقال لي مثل ذلك، فقلت: قد راجعت ربي وسألته، حتى استحييت منه، فما أنا بفاعل.

فمن أداهن منكم إيمانا بهن، واحتسابا لهن، كان له أجر خمسين صلاة (مكتوبة). [السيرة النبوية لابن هشام 1/ 403 – 408].

الدروس المستفادة

مكانة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -عند ربه، إذ هو صفيه وحبيبه، فدبّر له هذه الرحلة ترويحا عنه، وليمسح عن قلبه الشريف الهم والحزن.

  • الثقة بنصر الله واليقين في إتيان الفرج، فرسول الله صلى الله عليه وسلم -يُبتَلَى بالصدود في وجهه، لقد كذبه قومه، وما وجد هؤلاء قلبا مفتوحا، ولا صدرا مشروحا، بل كان الراحلون والمقيمون يتواصَون بالبعد عنه، ويشيرون إليه بالأصابع.
  • بعد كل منحة محنة، لقد عانى رسول الله ألوانا كثيرا من المحن، لا قاها من قريش، وكان آخر ما عاناه في هجرته للطائف، فجاءت ضيافة الإسراء والمعراج تكريما له من الله، وتجديدا لعزيمته وثباته.
  • مكانة المسجد الأقصى لدى المسلمين، إذ أصبح مسرى رسولهم، ومعراجه إلى السماوات العلا.
  • في اختيار اللبن على الخمر حينما قدمهما له جبريل دلالة على أن الإسلام دين الفطرة، وأن سلامة الفطرة لُبّ الإسلام، ولولا طهارة قلب النبي -صلى الله عليه وسلم -ما فُتِحت له أبواب السماء، فيستحيل أن تُفتح أبواب السماء لرجل فاسد السريرة، عليل القلب، أما الفطرة الرديئة كالعين الحمئة لا تسيل إلا قذراً وسواداً، وربما أُخفي هذا السواد الكريه وراء ألوان زاهية، ومظاهر مُزوّقة، بيد أن ما ينطلي على الناس، لا ينخدع به رب الناس!!
 
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}
[البقرة 9]