القائمة الرئيسية

بناء مسجد الضرار

بناء مسجد الضرار

الفترة المدنية
السنة التاسعة من الهجرة
بناء مسجد الضرار
630 - 631 ميلادي

(دعوتهم الرسول للصلاة فيه) :

قال ابن إسحاق: ثم أقبل رسول الله ﷺ حتى نزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله، إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا، فتصلي لنا فيه، فقال:

إني على جناح سفر، وحال شغل، أو كما قال ﷺ، ولو قد قدمنا إن شاء الله لأتيناكم، فصلينا لكم فيه.

(أمر الرسول اثنين بهدمه) :

فلما نزل بذي أوان، أتاه خبر المسجد، فدعا رسول الله ﷺ مالك بن الدخشم، أخا بني سالم بن عوف، ومعن بن عدي، أو أخاه عاصم بن عدي، أخا بني العجلان، فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدماه وحرقاه. فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج إليك بتار من أهلي. فدخل إلى أهله، فأخذ سعفا من النخل، فأشعل فيه نارا، ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله، فحرقاه وهدماه، وتفرقوا عنه، ونزل فيهم من القرآن ما نزل: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ [9: 107 ]… إلى آخر القصة.

(أسماء بناته) :
وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا: خذام بن خالد، من بني عبيد بن زيد، أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب من بني أمية بن زيد، ومعتب بن قشير، من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة بن الأزعر، من بني ضبيعة بن زيد، وعباد بن حنيف، أخو سهل بن حنيف، من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر، وابناه مجمع بن جارية، وزيد بن جارية، ونبتل بن الحارث، من بني ضبيعة، وبحزج، من بني ضبيعة، وبجاد بن عثمان، من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت، وهو من بني أمية (بن زيد) رهط أبي لبابة بن عبد المنذر. [السيرة النبوية لابن هشام 2/529 – 530]

الدروس المستفادة

  • كل وسيلة يحصل بها التفريق بين المؤمنين هي من المعاصي التي يتعين تركها وإزالتها، كما أن كل وسيلة يحصل بها جمع المسلمين وائتلافهم يتعين اتباعها والأمر بها.
  • المعصية تؤثر في البقاع كما أثرت معصية المنافقين في المسجد الذي بنوه، وكذلك الطاعة تؤثر في الأماكن، ولهذا كان لمسجد قباء من الفضل ما ليس لغيره، فقد كان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يزوره كل سبت يصلي فيه، وحث على الصلاة فيه بقوله:
 
"من تطهّر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة".
رواه أحمد
 
    • أن كل عمل فيه مضارة لمسلم أو فيه معصية لله تعالى أو فيه تفريق بين المؤمنين أو مساعدة لمن عادى الله ورسوله فإنه محرم ممنوع منه، فليحذر كل مسلم من المشاركة بماله أو بجهده في شيء من ذلك، فإن كل من شارك بماله في باطل أو باع أذى للمسلمين أو أعان نشر فساد بينهم أو عقد عقدًا أو أجرًا فيه ضرر على المسلمين فهو كالمنافقين الذين اتخذوا مسجد الضرار.
    • أنه يجب هدم كل مكان يضر بالمسلمين وينشر الفساد بينهم ويفرق جماعتهم ويهدم أخلاقهم؛ لأن شره وفساده لا ينتهي إلا بهدمه والقضاء عليه كما هدم -صلى الله عليه وسلم- مسجد الضرار الذي قد يستغل للطاعة لما تيقن من ضرره على الإسلام والمسلمين.
    • مسجد الضرار الذي بناه المنافقون في الصدر الأول ما يزال اليوم يتخذ في صور شتى من الوسائل الماكرة التي يتخذها أعداء الإسلام لحرب المسلمين وتفريقهم وتشويه صورة الإسلام في نفوسهم عبر وسائلهم المختلفة، فقنوات البث المباشر الناشرة للرذيلة والمجلات الفاتنة الفاضحة والجرائد المنحرفة الضالة والكتب الهدامة والبنوك الربوية ما هي إلا صور جديدة وقوالب مختلفة لمسجد الضرار وإن تلبست باسم الإسلام، وافتتحت بمقدماته، ونشرت بعض قيمه وأخلاقه.
    • مسجد الضرار ما هو إلا صورة جامدة للنفاق والمنافقين، فقد يتمثل ذلك المسجد في منافق يمشي بالنفاق بين الناس يخذلهم ويثبطهم عن نصرة الإسلام والمسلمين والدفاع عن كرامتهم وحماية حقوقهم، وينشر بينهم من الرذائل والموبقات ما تنهدم به مجتمعاتهم، وتفسد به أخلاقهم