لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة، هاجت حرب الفجار بين قريش، ومن معهم من كنانة، وبين قيس عيلان، وشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض أيامهم، أخرجه أعمامه معهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ أَنْبُلُ عَلَى أَعْمَامِي: أَيْ أَرُدُّ عَلَيْهِمْ نَبْلَ عَدُوِّهِمْ إذَا رَمَوْهُمْ بِهَا.
وإنما سمي يوم الفجار، بما استحل فيه هذان الحيان – كنانة وقيس عيلان – من المحارم بينهم.
وكان قائد قريش وكنانة حرب بن أمية بن عبد شمس.
وكان الذي هاجها أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، أجار لطيمة -جِمال تحمل التجارة- للنعمان ابن المنذر، فقال له البراض بن قيس، أحد بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة ابن كنانة: أتجيرها على كنانة؟ قال: نعم، وعلى الخلق كله. فخرج فيها عروة الرحال وخرج البراض يطلب غفلته، حتى إذا كان بتيمن ذي طلال -اسم وادٍ- بالعالية، غفل عروة، فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام، فلذلك سمي الفجار.
فأتى آت قريشا، فقال: إن البراض قد قتل عروة، وهم في الشهر الحرام بعكاظ، فارتحلوا وهوازن لا تشعر بهم، ثم بلغهم الخبر فأتبعوهم، فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم، فاقتتلوا حتى جاء الليل، ودخلوا الحرم، فأمسكت عنهم هوازن، ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما، والقوم متساندون -أي ليس لهم أمير واحد يجمعهم- على كل قبيل من قريش وكنانة رئيس منهم، وعلى كل قبيل من قيس رئيس منهم.
وكان الظفر في أول النهار لقيس على كنانة، حتى إذا كان في وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس. [السيرة النبوية لابن هشام 1/184 – 187].