القائمة الرئيسية

سرية عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح

سرية عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح

الفترة المدنية
السنة السادسة من الهجرة
سرية عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح
627 - 628 ميلادي

وغزوة عبد الله بن أنيس خالد بن سفيان بن نبيح، بعثه رسول الله ﷺ  إليه وهو بنخلة أو بعرنة، يجمع لرسول الله ﷺ الناس ليغزوه، فقتله.

قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قال عبد الله بن أنيس: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه قد بلغني أن ابن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني، وهو بنخلة أو بعرنة، فأته فاقتله. قلت: يا رسول الله، انعته لي حتى أعرفه. قال: إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة. قال:

فخرجت متوشحا سيفي، حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلا، وحيث كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت ما قال لي رسول الله ﷺ من القشعريرة، فأقبلت نحوه، وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه، أومئ برأسي، فلما انتهيت إليه، قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاءك لذلك.

قال: أجل، إني لفي ذلك [1] . قال: فمشيت معه شيئا، حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف، فقتلته، ثم خرجت، وتركت ظعائنه منكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله ﷺ فرآني، قال: أفلح الوجه، قلت: قد قتلته يا رسول الله. قال: صدقت.

(إهداء الرسول عصا لابن أنيس) :

ثم قام بي، فأدخلني بيته، فأعطاني عصا، فقال: أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس. قال: فخرجت بها على الناس، فقالوا: ما هذه العصا؟

قلت: أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني أن أمسكها عندي. قالوا:

أفلا ترجع إلى رسول الله ﷺ فتسأله لم ذلك؟ قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، لم أعطيتني هذه العصا؟

قال: آية بيني وبينك يوم القيامة. إن أقل الناس المتخصرون يومئذ، قال:

فقرنها عبد الله بن أنيس بسيفه، فلم تزل معه حتى مات، ثم أمر بها فضمت في كفنه، ثم دفنا جميعا. [السيرة النبوية لابن هشام 2/619 – 621].

الدروس المستفادة

    • فراسة وحكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في اختيار الكفاءات من أصحابه، فكان يختار لكل مهمة من يناسبها، فيختار للقيادة من يجمع بين سداد الرأي وحسن التصرف والشجاعة كخالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ، ويختار للدعوة والتعليم من يجمع بين غزارة العلم وحسن الخلق والمهارة في اجتذاب الناس كمصعب بن عمير ـ رضي الله عنه ـ، ويختار للوفادة على الملوك والأمراء من يجمع بين حسن المظهر وفصاحة اللسان وسرعة البديهة كعبد الله بن حذافة ـ رضي الله عنه ـ، وفي الأعمال الفدائية يختار من يجمع بين الشجاعة الفائقة وقوة القلب والمقدرة على التحكم في المشاعر . كسيدنا عبد الله بن أنيس.
    • الحفاظ على الصلوات الخمس وخاصة الوسطى فسيدنا عبد الله بن أنيس لم ينس وهو في هذه المهمة الصعبة صلاة العصر، فصلاها في وقتها إيماء برأسه، حرصا ومحافظة على صلاته، وحفاظا على سرية مهمته التي جاء من أجلها.
    • مما أهل الصحابة لهذه الشجاعة وتلك المكانة أنهم -رضي الله عنهم -لا ينتظرون جزاء دنيويا، ولو حصلوا على شيء من متاع الدنيا فإنه لا يعتبر عندهم شيئا له قيمة، وإنما ينتظرون جزاءهم في الآخرة، فكونوا مثلهم من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا