قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله ﷺ بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرا وشهري ربيع، وخرج في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من فتح قريظة، إلى بني لحيان يطلب بأصحاب الرجيع: خبيب بن عدي وأصحابه، وأظهر أنه يريد الشام، ليصيب من القوم غرة.
فخرج من المدينة ﷺ، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، فيما قال ابن هشام.
قال ابن إسحاق: فسلك على غراب، جبل بناحية المدينة على طريقه إلى الشام، ثم على محيص ، ثم على البتراء، ثم صفق ذات اليسار، فخرج على بين، ثم على صخيرات اليمام، ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكة، فأغذ السير سريعا، حتى نزل على غران، وهي منازل بني لحيان، وغران واد بين أمج وعسفان، إلى بلد يقال له: ساية، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال. فلما نزلها رسول الله ﷺ وأخطأه من غرتهم ما أراد، قال: لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة، فخرج في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان، ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم، ثم كر وراح رسول الله ﷺ قافلا.
فكان جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول حين وجه راجعا: آئبون تائبون إن شاء الله لربنا حامدون، أعوذ بالله من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال. [السيرة النبوية لابن هشام 2/279 – 280]