(قدومهم وإسلامهم) :
قال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله ﷺ الأشعث بن قيس، في وفد كندة، فحدثني الزهري بن شهاب أنه قدم على رسول الله ﷺ في ثمانين راكبا من كندة، فدخلوا على رسول الله ﷺ مسجده، وقد رجلوا جممهم وتكحلوا، وعليهم جبب الحبرة، وقد كففوها بالحرير، فلما دخلوا على رسول الله ﷺ قال: ألم تسلموا؟ قالوا:
بلى، قال: فما بال هذا الحرير في أعناقكم، قال: فشقوه منها، فألقوه.
(انتساب الوفد إلى آكل المرار) :
ثم قال له الأشعث بن قيس: يا رسول الله: نحن بنو آكل المرار، وأنت ابن آكل المرار، قال: فتبسم رسول الله ﷺ، وقال: ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبد المطلب، وربيعة بن الحارث، وكان العباس وربيعة رجلين تاجرين وكانا إذا شاعا في بعض العرب، فسئلا ممن هما؟ قالا: نحن بنو آكل المرار، يتعززان بذلك، وذلك أن كندة كانوا ملوكا. ثم قال لهم: لا، بل نحن بنو النضر ابن كنانة، لا نقفو أمنا، ولا ننتفي من أبينا، فقال الأشعث بن قيس: هل فرغتم يا معشر كندة؟ والله لا أسمع رجلا يقولها إلا ضربته ثمانين.
(نسب الأشعث إلى آكل المرار) :
قال ابن هشام: الأشعث بن قيس من ولد آكل المرار من قبل النساء، وآكل المرار: الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندي، ويقال كندة، وإنما سمي آكل المرار، لأن عمرو بن الهبولة الغساني أغار عليهم، وكان الحارث غائبا، فغنم وسبى، وكان فيمن سبى أم أناس بنت عوف بن محلم الشيباني، امرأة الحارث ابن عمرو، فقالت لعمرو في مسيره: لكأني برجل أدلم أسود، كأن مشافره مشافر بعير آكل مرار قد أخذ برقبتك، تعني الحارث، فسمي آكل المرار، والمرار: شجر. ثم تبعه الحارث في بني بكر بن وائل، فلحقه، فقتله، واستنقذ امرأته، وما كان أصاب.
لأن الحارث الأعرج الغساني قتل المنذر أباه، وهذا البيت في قصيدة له. وهذا الحديث أطول مما ذكرت، وإنما منعني من استقصائه ما ذكرت من القطع. ويقال بل آكل المرار: حجر بن عمرو بن معاوية، وهو صاحب هذا الحديث، وإنما سمي آكل المرار، لأنه أكل هو وأصحابه في تلك الغزوة شجرا يقال له المرار. [السيرة النبوية لابن هشام 2/585 – 586]