القائمة الرئيسية

نقض صحيفة المقاطعة

نقض صحيفة المقاطعة

الفترة المكية
السنة العاشرة إلى السنة الحادية عشر من البعثة
نقض صحيفة المقاطعة
619 - 621 ميلادي

قال ابن إسحاق: وبنو هاشم وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها، ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش على بني هاشم وبني المطلب نفر من قريش، ولم يبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث وذلك أنه كان ابن أخي نضلة بن هاشم ابن عبد مناف لأمه، فكان هشام لبني هاشم  واصلا، وكان ذا شرف في قومه، فكان- فيما بلغني- يأتي بالبعير، وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلا، قد أوقره طعاما، حتى إذا أقبل به فم الشعب خلع خطامه من رأسه، ثم ضرب على جنبه، فيدخل الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا -برًّا أي قمحًا- ، فيفعل به مثل ذلك.

فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زهير: أنا أبدؤكم، فأكون أول من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.

قال أبو جهل: وكان في ناحية المسجد: كذبت والله لا تشق، قال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب، ما رضينا كتابها حيث كتبت، قال أبو البختري:

صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به، قال المطعم بن عدي:

صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، ومما كتب فيها، قال هشام ابن عمرو نحوا من ذلك. فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل، تشوور فيه بغير هذا المكان. (قال): وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها، إلا «باسمك اللهم»

وذكر بعض أهل العلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي طالب: يا عم، إن ربي الله قد سلط الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منه الظلم والقطيعة والبهتان، فقال: أربك أخبرك بهذا؟ قال: نعم، قال: فو الله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش، فقال: يا معشر قريش، إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا، فهلم صحيفتكم، فإن كان كما قال ابن أخي، فانتهوا عن قطيعتنا، وانزلوا عما فيها، وإن يكن كاذبا دفعت إليكم ابن أخي، فقال القوم: رضينا، فتعاقدوا على ذلك، ثم نظروا، فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزادهم ذلك شرا. فعند ذلك صنع الرهط من قريش في نقض الصحيفة ما صنعوا. [السيرة النبوية لابن هشام 1/374 – 377].