ردته حليمة لأمه لما كان من شق صدره -صلى الله عليه وسلم- فأقام عند أمه وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته، فلما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ست سنين، خرجت به أمه إلى المدينة ومعها أم أيمن وله ست سنين، فزارت أخواله (من جهة أم عبد المطلب بن هاشم: سلمى بنت عمرو النجارية).
قالت أم أيمن: فجاءني ذات يوم رجلان من يهود المدينة فقالا لي: أخرجي إلينا أحمد ننظر إليه فنظرا إليه وقلباه، فقال أحدهما لصاحبه: هذا نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته، وسيكون بها من القتل والسبي أمر عظيم.
فلما سمعت أمه خافت وانصرفت به، فماتت بالأبواء -بين مكة والمدينة- وهى راجعة به إلى مكة.
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَن عَلْقَمَة بن يزِيد، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رسم قبر فَجَلَسَ وَجلسَ النَّاس حوله فَجَعَلَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ كَالْمُخَاطِبِ، ثُمَّ بَكَى.
فَاسْتَقْبَلَهُ عمر فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
“هَذَا قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَأَبَى عَلَيَّ، وَأَدْرَكَتْنِي رِقَّتُهَا فَبَكَيْت “.
قَالَ: فَمَا رؤيت سَاعَةً أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. [السيرة النبوية لابن هشام 1/168].