×

استشهاد زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة

استشهاد زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة

الفترة المدنية
السنة الثامنة من الهجرة
استشهاد زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة
629 - 630 ميلادي

(مقتل ابن حارثة) :

قال ابن إسحاق: ثم التقى الناس واقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله ﷺ حتى شاط في رماح القوم.

(إمارة جعفر ومقتله) :

ثم أخذها جعفر فقاتل بها، حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء، فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قتل. فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام.

وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، قال: حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال: والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء، ثم عقرها ثم قاتل حتى قُتل.

قال ابن هشام: وحدثني من أثق به من أهل العلم: أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء. ويقال: إن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة، فقطعه بنصفين.

(إمارة ابن رواحة ومقتله) :

قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد قال: حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مرة بن عوف، قال: فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية، ثم تقدم بها، وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه، ويتردد بعض التردد فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال: شد بهذا صلبك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده ثم انتهس منه نهسة، ثم سمع الحطمة في ناحية الناس، فقال:

وأنت في الدنيا! ثم ألقاه من يده، ثم أخذ سيفه فتقدم، فقاتل حتى قتل.

(ابن الوليد وانصرافه بالناس) :
ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان، فقال: يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل. فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية دافع القوم، وحاشى بهم، ثم انحاز وانحيز عنه، حتى انصرف بالناس. [السيرة النبوية لابن هشام 2/ 378 – 380]

الدروس المستفادة

  • شجاعة القائد، وثباته في القتال مما يقوي عزيمة جنوده، ويشد من أزرهم لقتال العدو، وهذا ما حدث معهم رضي الله عنهم.
  • الصحابة قدموا أنفسهم وأموالهم فداء لهذا الدين، فهذا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أحد القادة الثلاثة ضرب بضعًا وتسعين، ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، وهو صابر محتسب حتى فارق الحياة، قال تعالى:
﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)﴾
[الأحزاب:23]
  • عظم منزلة القادة الثلاثة عند ربهم رضي الله عنهم لقوله ﷺ:
 
«مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا»
    لما رأوا من فضل الشهادة.
  • عظيم كرم الله للشهيد وعوضه عما لاقاه في القتال في سبيله، فالله قد عوّض سيدنا جعفر بن أبي طالب عن يديه المقطوعتين عندما كان يحمل الراية بأن جعله يطير في الجنة مع الملائكة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
 
«رَأَيْتُ جَعْفَرًا يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ»
وهذه منقبة عظيمة له رضي الله عنه، وفي صحيح البخاري أن ابن عمر كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر يقول:  
«السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذَا الْجَنَاحَيْنِ»
قال أبو عبد الله: الجناحان: كل ناحيتين. وروى الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:  
«مَرَّ بِي جَعْفَرٌ اللَّيْلَةَ فِي مَلَأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَهُوَ مُخَضَّبُ الْجَنَاحَيْنِ بِالدَّمِ»
    • جواز النعي والإعلام بموت الميت فقد في نعي الرسول ﷺ الأمراء الثلاثة قبل مجيء خبرهم فيه جواز الإعلام بموت الميت، ولا يكون ذلك من النعي المنهي عنه. وفيه علم ظاهر من أعلام النبوة، حيث أخبر القوم بما يجري في المعركة وهو لم يكن معهم.