القائمة الرئيسية

غزوة ذي العشيرة

غزوة ذي العشيرة

الفترة المدنية
السنة الثانية من الهجرة
غزوة ذي العشيرة
623 - 624 ميلادي

غزا رسول الله ﷺ قريشا، فاستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، قال ابن إسحاق: فسلك على نقب بني دينار، ثم على فيفاء الخبار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر، يقال لها: ذات الساق، فصلى عندها. فثم مسجده ﷺ، وصنع له عندها طعام، فأكل منه، وأكل الناس معه، فموضع أثافي البرمة معلوم هنالك، واستقي له من ماء به، يقال له:

المشترب، ثم ارتحل رسول الله ﷺ فترك الخلائق بيسار، وسلك شعبة يقال لها: شعبة عبد الله، وذلك اسمها اليوم، ثم صب لليسار حتى هبط يليل ، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة، واستقى من بئر بالضبوعة، ثم سلك الفرش: فرش ملل، حتى لقي الطريق بصحيرات اليمام، ثم اعتدل به الطريق، حتى نزل العشيرة من بطن ينبع. فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة، وادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق كيدا.

وفي تلك الغزوة قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام ما قال.

قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي، عن محمد بن كعب القرظي، عن محمد بن خيثم أبي يزيد، عن عمار بن ياسر، قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة، فلما نزلها رسول الله ﷺ وأقام بها، رأينا أناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم وفي نخل، فقال لي علي بن أبي طالب: يا أبا اليقظان، هل لك في أن تأتي هؤلاء القوم، فننظر كيف يعملون؟ قال: قلت: إن شئت، قال: فجئناهم، فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم. فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في صور من النخل، وفي دقعاء من التراب فنمنا، فو الله ما أهبنا إلا رسول الله، ﷺ يحركنا برجله. وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها، فيومئذ قال رسول الله ﷺ لعلي بن أبي طالب: ما لك يا أبا تراب ؟

لما يرى عليه من التراب، ثم قال: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه- ووضع يده على قرنه- حتى يبل منها هذه. وأخذ بلحيته.
قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض أهل العلم: أن رسول الله ﷺ إنما سمى عليا أبا تراب، أنه كان إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلمها، ولم يقل لها شيئا تكرهه، إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه على رأسه. قال: فكان رسول الله ﷺ إذا رأى عليه التراب عرف أنه عاتب على فاطمة، فيقول: ما لك يا أبا تراب؟ فالله أعلم أي ذلك كان. [السيرة النبوية لابن هشام 1/598 – 600 ]

الدروس المستفادة

لابد من الكر مرة ومرة على العدو ليظل يهابك، فلا يظنك صاحب مرة وينتهي أمرك، إنما أنت للدين حياتك، وبالدين أمورك، وفي سبيل الله موتك، كل وقت وكل حين
  • قيمة النفس بذلها، وثمنها إيمانها، فمن باع لله نفسه ربح بيعه، وقُبل سعيه، واستعذب العذاب في سبيل الله، لأنه لا يملك نفسه، إذ كيف يملكها وهو قد باعها لربه
 
{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ}
[التوبة 111]