وكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه.
وصب به أبو طالب صبابة لم يصب مثلها بشئ قط.
وكان يخصه بالطعام، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا.
فكان إذا أراد أن يغديهم قال كما أنتم حتى يأتي ولدى.
فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم فكانوا يفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعوا فيقول أبو طالب: إنك لمبارك.
وكان الصبيان يصبحون رمصا شعثا ويصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم دهينا كحيلا.
وكان أبو طالب يقرب إلى الصبيان صفحتهم أول البكرة، فيجلسون وينتهبون، ويكف رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فلا ينتهب معهم فلما رأى ذلك عمه عزل له طعامه على حدة.
وكان رجلا من لهب عائفا – يتفرس في خلقة الإنسان فيخبر بما يؤول حاله إليه-، فكان إذا قدم مكة أتاه رجال قريش بغلمانهم ينظر إليهم ويعتاف لهم فيهم. قال: فأتى به أبو طالب وهو غلام، مع من يأتيه، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم شغله عنه شيء، فلما فرغ قال: الغلام عليّ به، فلما رأى أبو طالب حرصه عليه غيبه عنه، فجعل يقول: ويلكم، ردوا عليّ الغلام الذي رأيت آنفا، فو الله ليكونن له شأن. قال: فانطلق أبو طالب. [السيرة النبوية لابن هشام 1/179 – 180، السيرة النبوية لابن كثير 1/242].