القائمة الرئيسية

أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا

حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ولدت قبل البعثة بخمس سنين، وأمها زينب بنت مظعون.

أسلمت حفصة وهاجرت مع زوجها خنيس بن حذاقة السهمي رضي الله عنها، وكان زوجها ممن هاجر إلى الحبشة، وشارك في معركة بدر، ومات بعدها متأثراً بجراحة، في أصح الأقوال.

قال عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ (1) حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ (2)، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَقَالَ قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا.

______________________

1. تأيمت: أي مات زوجها ومضت عدتها.

2. وكان ذلك بعد وفاة زوجته رقية بنت رسول الله ﷺ.


قال قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ (1) مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ.
فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ.
 فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا (2).

وفي رواية لأبي يعلى: أن عمر قال: يا رسول الله، ألا تعجب من عثمان، عرضت عليه حفصة، فأعرض عني، فقال النبي ﷺ: (قد زوج الله عثمان خيراً من حفصة، وزوج حفصة خيراً من عثمان) (3).

وانتقلت رضي الله عنه إلى بيت النبوة، وكانت أهلاً لذلك، فقد كانت صوامة قوامة.

وقالت عائشة في حقها: “إنها ابنة أبيها” تنبيهاً على فضلها (4).

وكان عمر رضي الله عنه يشعر أن ابنته لن تكون مثل عائشة رضي الله عنها التي اشتهر حب رسول الله صلى الله عليه لها، ولذلك كان ينصح ابنته بين الفينة والفينة أن لا تسلك مسلك عائشة في معاملتها للرسول ﷺ، والعاقل من عرف قدر نفسه، فقد كانت عائشة تدل بمكانتها عنده ﷺ.

ومما كان يقوله: “أحذرك عقوبة الله، وغضب رسوله ﷺ، يا بنية، لا تغرنك هذه التي أعجبها حسنها، وحب رسول الله ﷺ إياها، يريد عائشة” (5).

وكان لهذه النصيحة أثرها في نفس حفصة رضي الله عنها.

ولما طعن عمر رضي الله عنها جعلها الوصية على تركته، ولذلك لما أراد عثمان رضي الله عنه نسخ المصحف وإرسال النسخ إلى الأقطار طلب منها أن ترسل له النسخة الأصل التي كانت عند عمر رضي الله عنه، فأرسلتها إليه، وأعادها إليها بعد تمام العمل في النسخ عنها.

روى عنها حديث رسول الله ﷺ جماعة من الصحابة والتابعين، منهم أخوها عبدالله وابنه حمزة، وحارثة بن وهب والمطلب بن أبي وداعة وغيرهم.

توفيت في شعبان سنة خمس وأربعين بالمدينة.

رحمها الله تعالى ورضي عنها

______________________

1. أوجد: أي أشد موجدة، أي غضباً.


2. رواه البخاري (4005).


3. “شرح الزرقاني على المواهب” (3/ 237).


4. “شرح الزرقاني على المواهب” (3/ 237).


5. رواه البخاري (4913)، ومسلم (1479).

مواضيع ذات صلة