قال العلماء في تعريف المعجزة: بأنها الأمر الخارق للعادة، الذي يجريه الله تعالى على يدي نبي مرسل، على سبيل التحدي، ليقيم به الدليل القاطع على صدق نبوته.
وقال الجرجاني في كتاب “التعريفات”: هي أمر خارق للعادة، داع إلى الخير والسعادة، مقرونة بدعوة النبوة، قصد به إظهار صدق من ادعى أنه رسول من الله.
قالوا: وسميت معجزة، لعجز البشر عن الإتيان بمثلها.
ونلاحظ أن التعريفين بشتركان في أربعة عناصر، يحسن بنا أن نقف عليها:
الأول: أن تكون المعجزة خارقة للعادة، كانشقاق القمر، وانفجار الماء من بين الأصابع، وقلب العصا حية.
فخرج بهذا القيد، ما كان غير خارق للعادة، كطلوع الشمس كل يوم، أو طلوعها من المشرق.
الثاني: مقرونة بدعوى النبوة، كما جاء في تعريف الجرجاني، أو مقرونة بالتحدي كما جاء في التعريف الأول.
والمقصود بالتحدي طلب المعارضة والمقابلة، أي الطلب من المدعوين أن يأتوا بمثل ذلك.
وقال بعضهم: ليس ذلك ضرورياً، ويكفي أن يكون ذلك بدعوى الرسالة.
الثالث: أن لا يأتي أحد بمثل ما أتي به المتحدي على وجه المعارضة.
ويخرج بقيد “التحدي” الأمر الخارق للعادة من غير تحد، وهو الكرامة للولي.
ويخرج بقيد “المقارنة” الأمر الخارق للعادة الذي يجري للرسول قبل دعوى الرسالة، مثل كلام عيسى في المهد، وشق صدر نبينا قبل الرسالة وهو صغير، فهذه ليست معجزات، إنما هي كرامات، وظهورها يعد “إرهاصاً” أو “تأسيساً” للنبوة.
وخرج أيضاً بقيد المقارنة ما يقع متأخراً عن التحدي.
ويخرج السحر المقرون بالتحدي، فإنه يمكن الإتيان بمثله.
الرابع: أن تقع المعجزة على وفق دعوى المتحدي بها.
فلو قال مدعي الرسالة: آية نبوتي أن تنطق يدي، فنطقت بكذبه فذلك ليس بمعجزة لأنه لم يقع على وفق الدعوى.
وذلك مثل ما يروي عن مسيلمة الكذاب، أنه تقل في بئر ليكثر ماؤها فغارت وذهب ما فيها من الماء.
قالوا: ومتى اختل شريط من هذه الشروط، لم تكن معجزة.
قالوا: ولا يدخل المسيح الدجال في هذه القضية لأنه يدعي الربوبية، لا الرسالة.
ولفظ المعجزة، لم يرد في القرآن ولا في السنة، وإنما ورد فيهما لفظ “الآية” و”البرهان” وقد استعملته كتب السيرة.
واستعمل مصطلح “دلائل النبوة” لما هم وأعم وأشمل من المعجزات، فالمعجزات دلائل النبوة.
فقد بشرت الكتب السماوية السابقة بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا من دلائل النبوة وليس من المعجزات.
ومن دلائل النبوة كونه صلى الله عليه وسلم أمياً، وهذه ليست معجزة، وإنما هي من دلائل النبوة، فهو مع عدم علمه بالقراءة والكتابة، أنزل عليه هذا الكتاب المعجز.
ومن دلائل النبوة السمو الخلفي الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي سطرته كتب السنة، ثم انفردت به كتب الشمائل بعد ذلك، فاجتماع التواضع والحلم والشجاعة والكرم. . كل منها في أسما معانيها، لأكبر دليل على النبوة.
وكونه أعطي جوامع الكلم، فهذا من الدلائل. .