العائد في هبته، كالعائد في قيئه

العائد في هبته، كالعائد في قيئه

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: "العائد في هِبَتِهِ، كالعائد في قَيْئِهِ". وفي لفظ: "فإن الذى يعود في صدقته: كالكلب يَقِئ ُثم يعود في قيئه".

[صحيح] [متفق عليه]

الشرح

ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلًا للتنفير من العود في الهدية بأبشع صورة وهى أن العائد فيها، كالكلب الذي يقىء ثم يعود إلى قيئه فيأكله مما يدل على بشاعة هذه الحال وخستها، ودناءة مرتكبها.

معاني الكلمات

العائد في هبته هنا مشبه ومشبه به، المشبه: العائد الذي يرجع في هديته، والمشبه به: الكلب، والجامع بينهما: أشار إليه بقوله: " يقيء ثم يعود في قيئه" أي كالكلب في رجوعه في قيئه ، يعني: أن الكلب يقيء ما في بطنه من الطعام ثم يرجع فيأكل هذا القيء، وذلك لأن الكلب إذا جاع أكل ما يليه، فأي شيء يصادفه يأكله.

يقيء مصدر قاء: أي أخرج ما بداخل بطنه من فمه.

ثم يعود في قيئه أي ما تقيأه، أي يعود يأكل في قيئه.

فوائد الحديث

الحديث دليل على تحريم العود في الهبة، لأن هذا من لؤم الطبع والدناءة، يقول ابن دقيق العيد:وقد ورد التشديد في التشبيه من وجهين: أحدهما: تشبيه الراجع بالكلب. الثاني: تشبيه الرجوع فيه بالقيء.

التنفير من ذلك بهذا المثل الذي هو الغاية في البشاعة والدناءة.

استثنى جمهور العلماء من تحريم العودة في الهبة ما يهبه الوالد لولده، فإن له الرجوع في ذلك، عملا بما في السنة من استثناء الوالد مع ولده

أنه لا فرق بين كون الراجع غنيا أو فقيرا، فلو افتقر الواهب ثم أراد أن يرجع على الموهوب له لم يجز.

لا فرق بين أن يرجع على الموهوب له بصيغة صريحة أو بحيلة، مثال الصيغة الصريحة: أن يذهب إليه ويقول: أعطني ما وهبتك. والحيلة: أن يشتريه منه بأقل من ثمنه.

التصنيفات

الهبة والعطية

المراجع

- صحيح البخاري –الجامع الصحيح-؛ للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، عناية محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، 1422هـ.

- صحيح مسلم؛ للإمام مسلم بن الحجاج، حققه ورقمه محمد فؤاد عبد الباقي، دار عالم الكتب-الرياض، الطبعة الأولى، 1417هـ.

- تيسير العلام شرح عمدة الأحكام-عبد الله البسام-تحقيق محمد صبحي حسن حلاق- مكتبة الصحابة- الشارقة- الطبعة العاشرة- 1426ه.

- منحة العلام في شرح بلوغ المرام:تأليف عبد الله الفوزان-طبعة دار ابن الجوزي-الطبعة الأولى 1428.

- فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام للشيخ ابن عثيمين- المكتبة الإسلامية القاهرة- تحقيق صبحي رمضان وأم إسراء بيومي- الطبعة الأولى 1427.