إذا أراد الله بالأمير خيرا، جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه

إذا أراد الله بالأمير خيرا، جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه

عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «إِذَا أَرَادَ اللهُ بِالأمِيرِ خَيرًا، جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدقٍ، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ، إِنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرهُ، وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ».

[صحيح] [رواه أبو داود]

الشرح

يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنّ الله تعالى: "إذا أراد بالأمير خيراً"، وفسِّرت هذه الخيرية لمن وُفِّق لوزير صدق من الأمراء بخيرية التوفيق لخيري الدارين، كما فسرت هذه الخيرية بالجنة. وقوله: "جعل له وزير صدق" أي في القول والفعل، والظاهر والباطن، وأضافه إلى الصدق؛ لأنَّه الأساس في الصُحبة وغيرها. فــ"إن نسي" أي: هذا الأمير، فإن نسي ما يحتاج إليه -والنسيان من طبيعة البشر-، أو ضلّ عن حكم شرعي، أو قضية مظلوم، أو مصالح لرعية، "ذكَّره" أي: هذا الوزير الصادق وهداه. "وإن ذكر" الأمير ذلك، "أعانه" عليه بالرأي والقول والفعل. وأما قوله: "وإذا أراد به غير ذلك" أي: غير الخير، بأن أراد به شرّاً، كانت النتيجة "جعل له وزير سوء" والمراد: وزير سوء في القول، والفعل، نظير ما سبق في ضده. "إن نسي" أي: ترك مالا بد منه "لم يذكِّره" به؛ لأنه ليس عنده من النور القلبي ما يحمله على ذلك. "وإن ذكر لم يعنه" بل يسعى في صرفه عنه؛ لشرارة طبعه، وسوء صنعه.

معاني الكلمات

وَزِير هو الصاحب المؤازر الذي يلتجيء الأمير إلى رأيه وتدبيره، ويحمل عنه شيئًا من أثقاله.

صِدق صادق ناصح.

إِنْ نَسِيَ أي: شيئًا مما يجب فعله، ويحقق مصلحة الأمة.

وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيرَ ذَلِكَ أراد به شرًّا.

سُوءٍ سيِّء يميل إلى الشر والفساد، ويرغِّب في ظلم الحاكم للرعية.

فوائد الحديث

وجود فئة صالحة حول الحاكم ترشده إلى الخير وتعينه عليه دليل توفيق الله -تعالى ورضاه عنه-، وفي ذلك عون على إقامة العدل.

الحث على اتخاذ وزير صالح، وأن ذلك من علامة سعادة الوالي، والتحذير من وزير السوء، وأنه علامة على شقاوة الوالي.

تحذير الحكام من بطانة الشر؛ فإنها سبب للإفساد والطغيان.

لا يقتصر هذا الأمر على الرئيس أو الأمير، بل ينطبق على كل صاحب ولاية عامة على أمر من أمور المسلمين.

التصنيفات

حق الإمام على الرعية

المراجع

بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، سليم بن عيد الهلالي، دار ابن الجوزي، الدمام، الطبعة: الأولى 1415هـ.

تطريز رياض الصالحين، فيصل بن عبد العزيز المبارك، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله آل حمد، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة: الأولى 1423هـ، 2002م.

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، محمد علي بن البكري بن علان، اعتنى بها: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، الطبعة: الرابعة 1425هـ.

رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، أبو زكريا محيي الدين النووي، تحقيق ماهر الفحل، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الطبعة: الأولى 1428هـ.

صحيح الترغيب والترهيب، محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة: الخامسة.

نزهة المتقين شرح رياض الصالحين، مجموعة من الباحثين، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة: الرابعة عشر، 1407هـ، 1987م.