من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا

من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا

«مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا».

[صحيح] [متفق عليه]

الشرح

قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أسقط نفسه من فوق جبل فقتل نفسه فمصيره إلى نار جهنم يسقط فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، والخلود قد يراد به طول المقام، ومن تجرع سمًا بأكل أو شرب فقتل نفسه فسيكون سمه في يده يتجرعه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيهًا أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يطعن بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، والتخليد الذي لا انقطاع له بوجه، وهو محمول على من كان مستحلًا لذلك، ومن كان معتقدًا لذلك، فهو كافرًا، وأما من قتل نفسه، وهو غير مستحل، فليس بكافر، بل يجوز أن يعفو الله عنه، أو أن المراد تطويل الآماد، ثم يكون خروجه من النار من آخر من يخرج من أهل التوحيد.

فوائد الحديث

تحريم قتل الإنسان نفسه، وأنه من كبائر الذنوب التي يستحق بها العذاب الأليم.

جزاء من قتل نفسه بشيء أن يعذب بذلك الشيء.

لما كان الإنسان بصدد أن يحمله الحمق والغضب على إتلاف نفسه، ويسول له الشيطان أن الخطب فيه يسير، وهو أهون من قتل نفس أخرى حرم قتلها عليه، وإذا لم يكن لصنيعه مطالب من قبل الخلق، فإن الله يغفر له، أعلم النبي صلى الله عليه وسلم المكلفين أنهم مسؤولون عن ذلك يوم القيامة، ومعذبون به عذابًا شديدًا، فإن ذلك في التحريم، كقتل سائر النفوس المحرمة.

هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية، ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم؛ لأن نفسه ليست ملكًا له مطلقًا، بل هي لله تعالى، فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه.

التصنيفات

الجنايات, ذم المعاصي

المراجع

صحيح البخاري (7/ 139) (5778)، صحيح مسلم (1/ 103) (109)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (3/ 306)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (8/ 414)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 310)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (21/ 291).